للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدار ركعة أنهم لها مدركين فلم نخالف هذا الحديث، وإنما خالفنا تأويل أهل المقالة الأولى.

ش: أي قال الآخرون: ليس في هذا الحديث دلالة على ما ذهب إليه أهل المقالة الأولى؛ لأنه محتمل للمعنيين المذكورين، وبالاحتمال لا يتم الاحتجاج.

فإن قيل: ما الدليل على الاحتمال الثاني؟

قلت: ذكر لفظة الإدراك وهو قوله: "أدرك" بدون أن يقول: أدرك الصلاة، فيكون المعنى حينئذٍ: فقد أدرك وجوب الصلاة، فيكون الصبيان والحيض والكفار ومن شابههم مدركين لهذه الصلاة ويجب عليهم قضاؤها، وإن كان الباقي من الوقت أقل من وقت أداء الصلاة فيه.

وقال أبو عمر (١): اختلف العلماء في معنى قوله: "فقد أدرك"، فقالت طائفة من أهل العلم: أراد بقوله ذلك: أدرك وقتها، حُكي ذلك عن داود بن علي وأصحابه قالوا: إذا أدرك الرجل من الظهر أو العصر ركعة وقام فصلى الثلاث ركعات فقد أدرك الوقت في جماعة وثوابه على الله -عز وجل-.

وقال الآخرون: من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك فضل الجماعة؛ لأن صلاته صلاة جماعة في فضلها وحكمها، واستدلوا على ذلك من أصولهم بأنه لا يُعتدُّ في جماعة من أدرك ركعةً من صلاة الجماعة.

وقال آخرون: معنى هذا الحديث أن مدرك ركعة من الصلاة مدرك لحكمها وهو كمن أدرك جميعها فيما يفوته من سهو الإِمام وسجوده لسهوه، ولو أدرك الركعة مسافر من صلاة مقيم لزمه حكم صلاة المقيم، وكان عليه الإتمام، ونحو من هذا في حكم الصلاة.

قال أبو عمر -رحمه الله- (١): ظاهر قوله - عليه السلام -: "من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة" يوجب الإدراك للوقت والحكم والفضل إن شاء الله تعالى إذا صلى


(١) "التمهيد" (٧/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>