للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمام الصلاة، ألا ترى أن من أدرك الإِمام راكعًا فدخل معه وركع قبل أن يرفع الإِمام رأسه من الركعة أنه يدرك عند الجمهور حكم تلك الركعة، وأنه كمن ركعها من أول الإحرام مع إمامه، وكذلك مدرك ركعة من الصلاة مدرك لها، وقد أجمع علماء المسلمين أن مدرك ركعة من صلاته لا تُجزئه ولا تغنيه عن إتمامها، ودلّ أن قوله: "فقد أدرك الصلاة" ليس عك ظاهره وأن فيه مضمرًا بَيَّنَهُ الإجماع والتوقيف، وهو إتمام الصلاة، والذي عليه مدار هذا الحديث وفقهه: أن مدرك ركعةً من الصلاة مدرك لحكمها في السهو وغيره، وأما الفضل فلا يدرك بقياس ولا نظر؛ لأن الفضائل لا تقاس. انتهى.

ثم اعلم أن قوله: "لأنه لما ذكر في هذا الإدراك ولم يذكر الصلاة" إشارة إلى أن هذا الحديث قد روي على وجهين، في وجه روي: "فقد أدرك الصلاة"، وفي وجه روي: "فقد أدرك" فقط بدون لفظة الصلاة.

وقال أبو عمر في "التمهيد": لا أعلم اختلافًا في إسناد هذا الحديث ولا في لفظه عند رواة "الموطأ" عن مالك، وكذلك رواه سائر أصحاب ابن شهاب، إلا ابن عُيَيْنة رواه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك" لم يقل الصلاة.

قوله: "قالوا: وهذا الحديث ... " إلى آخره، أي قال الآخرون: هذا الحديث -أعني حديث أبي هريرة- هو الذي ذهبنا فيه إلى أن المجانين إذا أفاقوا والصبيان إذا بلغوا والكفار إذا أسلموا والحيض -بضم الحاء جمع حائض- إذا طهرن، والحال أنه قد بقي عليهم من وقت الصبح مقدار ركعة أنهم يكونون لها مدركين، وأشار بهذا الكلام إلى أنهم عملوا بهذا الحديث في هذه الصورة وما تركوه، وهو معنى قوله: "فلم نخالف هذا الحديث" وإنما خالفوا تأويل أهل المقالة الأولى في قولهم: إن المدرك من صلاة الصبح ركعة قبل طلوع الشمس يضم إليها ركعة ولا يضره طلوع الشمس في أثنائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>