ذلك الوقت يجوز لمن لم يصلّ عصر يومه أن يصلي فيه الفرائض والصلوات الفائتة، ولما كان النهي لأجل الصلاة كان إنما ينهى عن غيرهما مما لا يشاكلهما من النوافل لا من الفرائض، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله، وقد قال بذلك الحكم وحمّاد.
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال:"سألت الحكم وحمادًا عن الرجل ينام عن الصلاة فيستيقظ وقد طلع من الشمس شيء، قالا: لا يصلي حتى تَنْبَسط" والله أعلم.
ش: أي هذا الذي ذكرناه وجه هذا الباب من طريق التوفيق بين الأحاديث والأخبار.
وأما وجهه من طريق النظر والقياس، فإنا قد رأينا ... إلى آخره.
تقريره: أن الأوقات التي ورد النهي فيها عن الأشياء تارةً تكون على سبيل العموم وتارةً تكون على سبيل الخصوص.
فالأول: كيومي العيدين؛ فإنه ورد النهي عن صيامهما، وأجمع العلماء على أن ذلك عامّ سواء كان صوم الفرض كالمنذور وقضاء رمضان أو صوم التطوع؛ فإن كل ذلك يكره؛ فكان النظر والقياس على ذلك أن يكون معنى النهي عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها عامًّا شاملًا للصلاة الفرض والصلاة التطوع.
والثاني: أن يقتصر النهي على النوافل كالنهي عن الصلاة بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس وبعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، فإن النهي عن ذلك ليس بعام؛ لأن النهي ليس لمعنى في الوقت بل لأجل الصلاة تعظيمًا لها، فحينئذٍ يمنع عن الصلاة التي ليست بمشاكلة لها كالنوافل لا الفرائض بخلاف القسم الأول، فإن النهي فيه لأجل معنىً في الوقت وهو كون وقت الطلوع ووقت الغروب منسوبًا إلى الشيطان حيث قال في الحديث:"فإنها تطلع بين قرني الشيطان" وقد ذكرنا تحقيق ذلك في باب المواقيت.