للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج النسائي والطحاوي أيضًا -على ما يأتي- عن حميدٍ، عن أنس قال: "آخر صلاة صلاها رسول الله - عليه السلام - مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحًا خلف أبي بكر - رضي الله عنه -".

قلت: مثل هذا لا يعارض ما وقع في "الصحيح"، مع أن العلماء جمعوا بينهما، فقال البيهقي في "المعرفة": ولا تعارض بين الخبرين؛ فإن الصلاة التي كان فيها النبي- عليه السلام - إمامًا هي صلاة الظهر يوم السبت أو الأحد، والتي كان فيها مأمومًا هي صلاة الصبح من يوم الإثنين، وهي آخر صلاة صلاها النبي - عليه السلام - حتى خرج من الدنيا.

قال: وهذا لا يخالف ما ثبت عن الزهري، عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين، وكشفه - عليه السلام - الستر ثم إرخائه، فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى، ثم إنه وجد في نفسه خفة، فخرج فأدرك معه في الركعة الثانية.

وقال القاضي عياض: نسخ إمامة القاعد جملة بقوله - عليه السلام -: "لا يَؤمنّ أحد بعدي جالسًا"، وبفعل الخلفاء بعده، وأنه لم يؤم أحد منهم قاعدًا وإن كان النسخ لا يمكن بعد النبي- عليه السلام - فمثابرتهم على ذلك تشهد بصحة نهيه - عليه السلام - عن إمامة القاعد بعده.

قلت: هذا الحديث أخرجه الدارقطني (١) ثم البيهقي (٢) في "سننهما": عن جابر الجعفي، عن الشعبي.

وقال الدارقطني: لم يروه عن الشعبي غير جابر الجُعْفي وهو متروك، والحديث مرسل لا تقوم به حجة.

وقال عبد الحق في "أحكامه": ورواه عن الجعفي مجالد وهو أيضًا ضعيف، وقد يجاب عن الأحاديث الأُوَل بأنه كان مخصوصًا بالنبي - عليه السلام -، وفيه نظر؛ لأن


(١) "سنن الدارقطني" (١/ ٣٩٨ رقم ٦).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٣/ ٨٠ رقم ٤٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>