الأصل عدم التخصيص حتى يدل عليه دليل كما عرف في الأصول، وقد قالوا: إن قوله: "فإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا" محمول على أنه إذا كان في حالة الجلوس فاجلسوا ولا تخالفوه في القيام، وكذلك "إذا صلى قائمًا فصلوا قيامًا" أي إذا كان في حالة القيام فقوموا ولا تخالفوه بالقعود، وكذلك في قوله:"فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا".
ثم إنه أخرج حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - من طريقين حسنين جيدين:
الأول: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي، عن محمد بن يوسف الفِرْيابي شيخ البخاري، عن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي، عن أرقم بن شرحبيل الأَوْدي الكوفي وثقه أبو زرعة، وروى له الترمذي وابن ماجه.
وأخرجه ابن ماجه (١): ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس قال: "لما مرض رسول الله - عليه السلام - مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: ادعوا لي عليًّا. قالت عائشة: يا رسول الله - عليه السلام -، نَدْعُو لك أبا بكر؟ فقال: ادْعُوه. قالت حفصة: يا رسول الله، ندْعُو لك عمر؟ قال: نعم. فلما اجتمعوا رفع رأسه فنظر، فسكت فقال عمر - رضي الله عنه -: قوموا عن رسول الله - عليه السلام -، ثم جاء بلال - رضي الله عنه - يؤذن بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فلْيصلِّ بالناس. فقالت عائشة - رضي الله عنها -: إن أبا بكر رجل رقيق حَصِرٌ، ومتى لا يراك يبكي والناس يبكون، فلو أمَرْتَ عمر يُصلي بالناس، فخرج أبو بكر فصلى بالناس، فوجد رسولُ الله - عليه السلام - من نفسه خفةً فخرج يُهادَى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض، فلما رآه الناسُ سبَّحوا بأبي بكر، فذهب ليتأخر، فأومى إليه النبي - عليه السلام - أيْ مكانك، فجاء رسول الله - عليه السلام - فجلس عن يمينه، وقام أبو بكر، فكان أبو بكر يأتم بالنبي - عليه السلام - والناس يأتمون بأبي بكر. قال ابن عباس: وأخذ رسول الله - عليه السلام - من