قال عياض: وفي المذهب عندنا فيها قولان: الصحة، والفساد.
وعلي هذا أيضًا فيه جواز الائتمام في صلاة واحدة بإمامين واحدًا بعد آخر، وهو أصل في الاستخلاف وجوازه، وحجة على داود والشافعي في منعه.
وعلي أن الصلاة لا تصح بإمامين لغير عذر مذهب الجمهور والطبري والبخاري وبعض الشافعية؛ استدلالًا بهذا الحديث.
وعندنا العذر في هذا المتقدم بين يدي النبي - عليه السلام - المنهي عنه، وأن هذا خصوصٌ له.
وقد وقع لابن قاسم من أئمتنا في إمام أحدث فاستخلف ثم انصرف أنه يجوز للمستخلف أن يتأخر له ويتم الأول بهم الصلاة، كأنه أخذ بظاهر هذا الحديث وهو غير جار على أصولنا. انتهى.
قلت: استدل أصحابنا أيضًا بهذا الحديث على جواز الاستخلاف في الصلاة، وقالوا: هذا أصل في حق كل إمام عجز عن الإتمام أن يتأخر ويسخلف غيره، ويتم الخليفة صلاته، فإن حضر المستخلف قبل إتمام الخليفة الصلاة لا يتأخر لأجله، بل يمضي على إتمامه؛ لأنه لا عذر له في ذلك، بخلاف تأخر أبي بكر - رضي الله عنه -، فإنه كان معذورًا لعدم جواز المتقدم على النبي - عليه السلام - بخلاف غيره، فافهم.
وفيه: عظيم قدر أمر صلاة الجماعة وتأكيدها لتكلّف النبي - عليه السلام - الخروج إليها بتلك الحال.
وفيه: أنه - عليه السلام - صلى وهو جالس والقوم وراءه قيام، وأن هذا آخر الآمرين.
ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زائدة، قال: ثنا موسى بن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله قال: "دخلتُ على عائشة - رضي الله عنها - فقلتُ: ألا تحدثيني عن مرض النبي - عليه السلام - فقالت: بلى، كان الناس عكوفًا في المسجد يَنْتظرون رسول الله - عليه السلام - لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل رسول الله - عليه السلام - إلى