{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا}(١) وفيه دليل على فضيلة أبي بكر وتقدمه، وتَنْبيةٌ على أنه أولى بخلافته كما قال الصحابة - رضي الله عنهم -: "رضينا لدنيانا مَنْ رَضِيَه رسول الله - عليه السلام - لديننا".
ص: فقال قائلون: لا حجة لكم في هذا الحديث؛ لأن النبي- عليه السلام - كان في تلك الصلاة مأمومًا، واحتجوا في ذلك بما حدثنا فهدٌ، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا شعبة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"صلى رسول الله - عليه السلام - في مرضه الذي تُوفيَ فيه خلف أبي بكر قاعدًا".
حدثنا محمد بن حميد، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: أخبرني حميد، قال: حدثني ثابت البناني، عن أنس بن مالك: أن النبي - عليه السلام - صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد بُرْدٍ يخالف بين طرفَيْه، فكانت آخر صلاة صلاها".
حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا معاوية بن عمرو الأزدي، قال: ثنا زائدة، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: "مرض النبي - عليه السلام - فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس. فقالت عائشة - رضي الله عنها -: إن أبا بكر رجل رقيق. فقال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فإنكن صواحب يوسف. قال: فقام أبو بكر في حياة النبي- عليه السلام -".
وكان من الحجة عليهم في ذلك أنه قد روي هذا الذي قد ذكروه، ولكن أفعال النبي - عليه السلام - في صلاته تلك تَدلّ على أنه كان إمامًا، وذلك أن عائشة - رضي الله عنها - قالت في حديث الأسود عنها: "فقعد رسول الله - عليه السلام - عن يسار أبي بكر" وذلك قعود الإمام لا قعود المأموم؛ ولأنه لو كان أبو بكر إمامًا له لكان النبي - عليه السلام - يقعد عن