يمينه، فلما قعدَ عن يساره وكان أبو بكر عن يمينه، دل ذلك على أن النبي- عليه السلام - كان هو الإِمام، وأن أبا بكر هو المأموم.
ش: أي فقال جماعة قائلون من أهل المقالة الأولى: لا حجة لكم في حديثي ابن عباس وعائشة - رضي الله عنهم -، وهذا منع يصعب الاستدلال به.
تقريره: أن يُقال: إنكم تحتجون بحديثي ابن عباس وعائشة أن الإِمام إذا صلى قاعدًا لعذرٍ به يجب على القوم أن يصلوا وراءه قيامًا، وليس لكم حجة في هذا الحديث، لأن النبي - عليه السلام - لم يكن في تلك الصلاة إمامًا وإنما كان مأمومًا، والدليل علي رواية مسروق عن عائشة، ورواية أنس بن مالك، ورواية أبي موسى الأشعري - رضي الله عنهم -.
وتقرير الجواب ما أشار إليه بقوله:"وكان من الحجة عليهم في ذلك" أي وكان من الدليل والبرهان وهو الجواب على هؤلاء القائلين فيما ذهبوا إليه: أنا سلمنا هذه الأحاديث قد جاءت هكذا ولكن أفعال النبي - عليه السلام - في صلاته التي ذكرت في حديث عائشة الذي رواه عنها الأسود تدل على أنه - عليه السلام - كان إمامًا؛ لأنه ذكر فيه:"فقعد رسول الله - عليه السلام - عن يسار أبي بكر"، فهذا يدل على أنه - عليه السلام - كان إمامًا؛ إذ لو كان أبو بكر إمامًا لكان النبي - عليه السلام - يقعد عن يمينه؛ لأن هذا وظيفة المأموم، فلما كان قعود النبي - عليه السلام - عن يسار أبي بكر وكان أبو بكر عن يمينه؛ دل ذلك على أنه - عليه السلام - كان هو الإِمام وأن أبا بكر هو المأموم.
وأيضًا قولها في الحديث:"ويقتدي أبو بكر بصلاة النبي - عليه السلام - ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" يدل على أنه - عليه السلام - كان إمامًا، وكذا قولها:"فجلس رسول الله - عليه السلام - يصلي بالناس وأبو بكر يُسْمع الناس".
وقال القاضي عياض: وقد رُوي عنها خلافه، وذكر الآخرون أن ذكر صلاته عن يسار أبي بكر - رضي الله عنه - لم يَقُله غير أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، وسائر رواة هذا الحديث ممن هو أحفظ من أبي معاوية من أصحاب