الأعمش وأصحاب الزهري وهشام لم يذكروا:"عن يساره" وقالوا: قد روى ابن إسحاق عن الزهري هذا الحديث وفيه: "فصل عن يمين أبي بكر".
وقال المهلّب: إن صححنا الروايتين فقد يحتمل أن جلوسه أولًا عن يساره كما قال في رواية أبي معاوية؛ لأنه أقرب إلى خروج النبي - عليه السلام - من بيته من الجهة اليُسْرى من المسجد وأرفق به لمرضه، ثم يحتمل أن النبي - عليه السلام - أدار بأبي بكر إلى
يمينه كما فعل بابن عباس إما قبل إحرامه من أمامه أو بعده من خلفه لا سيما ولم يذكر أبو معاوية غير جلوسه أول صلاته عن يساره، وابن شهاب قد بَيّن فقال:"فصلى يومئذٍ عن يمين أبي بكر"، فأخبر عن الصلاة كلها في ظاهر قوله، فتجمع الروايتان على هذا ولا تطرح إحداهما للأخرى.
وقال بعضهم: كان النبي - عليه السلام - قد استخلف أبا بكر على الصلاة مدة مرضه وصلى بالناس صلوات كثيرة، وقد قال أنس في "البخاريّ": "إن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع النبي - عليه السلام - حتى كان يوم الاثنين ... " وذكر الحديث، وقالت عائشة:"فصلى أبو بكر تلك الأيام".
فهذا يدل على أنها لم تكن صلاة واحدة.
قيل: صلى اثني عشر يومًا إلا أن يجد النبي - عليه السلام - خفةً في بعضها ويطيق الصلاة قائمًا فيخرج ويصلي على ما جاء في بعض الروايات عن عائشة.
وقد جاء في حديث أنس في "الأم": "أنه خرج عليهم آخر يوم، وأنه لم يصل معهم، وقال: أتموا صلاتكم. ثم أرخى الستر".
وهذا حديث آخر وخروج ثانٍ غير حديث عائشة وقصتها فلا يَبْعد أن يكون في إحداها إمامًا وفي بعضها مأمومًا لنجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، وإلا فالصحيح والأشهر والأكثر أنه كان هو الإِمام، والله أعلم. وقد مرّ الكلام فيه مرة عن قريب.