للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "وهذا" أي الذي ذكرناه من صحة اقتداء القائم بالقاعد وعدم سقوط القيام عن القادر على القيام هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف على ما مر مستوفى.

ص: وكان محمد بن الحسن -رحمه الله- يقول: لا يجوز لصحيح أن يأتم بمريضٍ يُصلي قاعدًا، وإن كان يركع ويَسجُد، فذهب إلى أن ما كان من صلاة النبي - عليه السلام - قاعدًا في مرضه بالناس وهم قيام مخصوصًا لأنه فعل فيها ما لا يجوز لأحد بعده أن يفعله من القراءة من حيث انتهى أبو بكر - رضي الله عنه -، وخروج أبي بكر من الإمامة إلى أن صار مأمومًا في صلاة واحدة، وهذا لا يجوز لأحد من بعده باتفاق المسلمين جميعًا، فدل ذلك أن النبي - عليه السلام - قد كان خُصّ في صلاته تلك بما مُنع منه غيرُه، والله أعلم.

ش: مذهب محمد بن الحسن عدم جواز اقتداء الصحيح القادر على القيام بالمريض الذي لا يقدر عليه وإن كان يقدر على الركوع والسجود، واستدل في ذلك بقوله - عليه السلام -: "لا يَؤمَّنَّ أحدٌ بعدي جالسًا". أخرجه الدارقطني، وإليه ذهب الشعبيّ ومالكٌ في رواية" وقالوا أيضًا: إن القيام ركن فلا يصح ائتمام القادر عليه بالعاجز عنه كسائر الأركان، وأجابوا عما كان من صلاة النبي - عليه السلام - قاعدًا في مرضه بالناس وهم قيام بأنه كان مخصوصًا بالنبي - عليه السلام -، وأشار إلى دليل الخصوص بقوله: "لأنه فعل فيها ... " إلى آخره، أي لأن النبي - عليه السلام - فعل في الصلاة ما لا يجوز لأحد بعده أن يفعله، وقد أنكر بعضهم الخصوص وادّعوا فيه النسخ، وقد بسطنا الكلام فيه فيما مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>