للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: هذا جواب عن أهل المقالة الأولى عما قاله أهل المقالة الثانية من قولهم: "فلما كان هذا الحديث يحتمل الأمرين ...... " إلى آخره.

بيانه أن يقال: إنكم قلتم إن هذا الحديث لا يتم به الاحتجاج؛ لاحتماله الأمرين اللذين لم يكن أحدهما أولى من الآخر لعدم المرجح، فها نحن قد وجدنا في بعض الأحاديث أن ما كان يصليه معاذ بقومه كان تطوعًا له، وأن ما كان يصليه مع النبي - عليه السلام - كان فريضة.

وذكروا في ذلك ما أخرجه إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، عن عبد الملك بن جريج المكي، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ... إلى آخره

وأخرجه الدارقطني في "سننه" (١): ثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا إبراهيم بن مرزوق ... إلى آخره نحوه.

وأخرجه الشافعي أيضًا في "مسنده" (٢): بسند صحيح، عن عبد المجيد، عن ابن جريج، عن عَمرو.

قال البيهقي: هذا حديث ثابت، لا أعلم حديثًا يُرْوى من طريق واحدة أثبت من هذا ولا أوثق رجالًا.

وأجاب عنه بقوله: فكان من حجة الآخرين عليهم، أي فكان من دليل الجماعة الآخرى وهم أهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى.

تقريره: أن هذه الزيادة التي ذكرها ابن جريج في روايته وهي قوله: "هي له تطوع ولهم فريضة" يحتمل أن يكون قولًا من رأيه، أو يكون من عمرو بن دينار، أو يكون من جابر بن عبد الله، وأيًّا ما كان فليس فيه دليل على حقيقة فعل معاذ - رضي الله عنه -؛ لأن النية أمر باطن لا يطلع عليه أحد إلا بإخبار الناوي، فجاز


(١) "سنن الدارقطني" (١/ ٢٧٤ رقم ١).
(٢) "مسند الشافعي" (١/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>