أخرجه ابن حبان في "صحيحه"(١)، يعني: يضمن الصلاة صحةً وفسادًا، والفرض ليس مضمونًا في النفل، وقد يجاب بأن معاذًا - رضي الله عنه - كان يصلّي مع النبي - عليه السلام - صلاة النهار ومع قومه صلاة الليل، فأخبر الراوي في قوله:"فهي لهم فريضة وله نافلة" بحال معاذ في وقتين لا في وقت واحد، والله أعلم.
ص: وقد روينا عن النبي - عليه السلام - ما يدلّ على خلاف ذلك:
حدثنا فهدٌ، قال: ثنا يحيى بن صالح الوُحَاظيّ (ح).
وحدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن مَسْلمَة بن قَعْنب، قالا: ثنا سليمان بن بلال، قال: ثنا عمرو بن يحيى المازني، عن معاذ بن رفاعة الزُّرَقيّ:"أن رجلًا من بني سلمة يقال له سُلَيْم أتى النبي - عليه السلام - فقال له: إنا نظَلّ في أعمالنا، فنأتي حين نُمْسِي فنُصلّي، فيأتي معاذ بن جبل - رضي الله عنه - فينادي بالصلاة، فَنأتيه فيُطوَّلُ علَيْنا. فقال النبي - عليه السلام -: يا معاذ، لا تكن فتانًا، إما أَنْ تصلّي معي، وإما أن تُخفّف على قومك".
فقول النبي - عليه السلام - هذا لمعاذ يدلّ على أنه عند رسول الله - عليه السلام - كان يَفْعَلُ أحدَ الأَمرين؛ إما الصلاة معه وإما الصلاة لقومه، وأنه لم يكن يجمعها؛ لأنه قال:"إما أن تُصلّي معي" أي ولا تصلي مع قومك "وإما أن تخفّف بقومك" أي ولا تصلي معي.
فلما لم يكن في الآثار الأُوَل من قول النبي - عليه السلام - شيءٌ، وكان في هذا الأثر ما ذكرنا، ثبت بهذا الأمر أنه لم يكن من النبي - عليه السلام - في ذلك المعنى شيء مُتقدمٌ، ولا علمنا أنه كان في ذلك أيضًا منه شيء متأخرٌ فَتَجبُ به الحجةُ عَليْنَا، ولو كان في ذلك من رسول الله - عليه السلام - أمرٌ كما قال أهل المقالة الأولى لاحتملَ أن يكون ذلك من رسول الله - عليه السلام - في وقت ما كان الفريضة تُصلّى مرتين، فإن ذلك قد كان