قوله:"فثبت بذلك أن المأموم ... " إلى آخره، نتيجة المقدمتين المذكورتين.
ص: فإن قال قائل: فإنا قد رأيناهم لم يختلفوا أن للرجل أن يصلي تطوعًا خلف من يصلي فريضةً فكما كان للمصلي تطوعًا يجوز أن يأتم بمن يُصلي فريضةً كان كذلك يجوز للمُصلّي فريضةً أن يُصلّيها خلف من يصلّي تطوعًا.
قيل له: إن سبب التطوع هو سبب بعض الفريضة؛ وذلك أن الذي يدخل في الصلاة ولا يريد شيئًا عن ذلك من نافلة ولا فريضة يكون ذلك داخلًا في نافلة، وإذا نوى الدخول في الصلاة ونوى الفريضة كان بذلك داخلًا في الفريضة فصار يكون داخلًا في الفريضة بالسبب الذي به دخل في النافلة، وبسبب آخر، فلما كان ذلك كذلك كان الذي يصلي تطوعًا وهو يأتم بمن يُصلّي فريضة هو في صلاة له في كلها إمام، والذي يُصلّي فريضةً ويأتم بمن يُصلّي نافلة هو في صلاةٍ له في بعض سببها الذي يدخل فيها إمام، وليس له في بقيته إمام، فلم يجز ذلك.
ش: هذا السؤال وارد على النتيجة المذكورة وهي قوله: "فثبت بذلك أن المأموم لا يجوز أن يكون في صلاته خلاف صلاة إمامه".
تقريره أن يقال: صلاة المتنفل خلف المفترض جائزة إجماعًا، ومع هذا بَيْن صلاتيهما مغايرة، فعلى هذا ينبغي أن تجوز أيضًا صلاة المفترض خلف المتنفل.
وتقرير الجواب أن يقال: إن المتطوع يُريد مطلق الصلاة لله تعالى؛ لأنه ليس لصلاة التطوع صفَة زائدة على أصل الصلاة ليحتاج إلى أن ينويها، والمفترِض يريدُ صلاة مخصوصةً؛ لأن الفريضة صفة زائدة على أصل الصلاة ولهذا لا تكفيه نية مطلق الصلاة، حتى قالوا: لا يكفيه مطلق نية الفرض أيضًا بل ينوي فرض الوقت أو طهر الوقت مثلًا؛ لأن غيرها من الصلوات المفروضة مشروعة في