ووقت لا عوض للقوم عن معاذ، فكانت حال ضرورة فلا تجعل أصلًا يُقاس عليه، والله أعلم.
ص: وأما حكمه من طريق النظر: فإنا قد رأينا صلاة المأمومين مُتَضمَّنةً لصلاة إمامهم في صحتها وفسادها، من ذلك: أنا رأينا الإمام إذا سهَا وجب على مَنْ خلفه بسهوه ما وجب عليه، وإن سَهَوْا هم ولم يَسْهُ هو لم يجب عليهم ما يجب على الإمام إذا سها فيها، فلما ثبت أن المأمومين يجب عليهم حكم السهو بسَهْو الإِمام ويَنتفي عنهم حكم السهو بانتفائه عن الإِمام؛ ثبت أن حكمهم في صلاتهم حكم الإمام في صلاته، وأن صلاتهم مُضمّنة لصلاته، ولما كانت صلاتهم مضمنة لصلاته لم يجزن تكون صلاتهم خلاف صلاته، فثبت بذلك أن المأموم لا يجوز أن تكون صلاته خلاف صلاة إمامه.
ش: أي: وأما حكم هذا الباب من طريق النظر والقياس، فإنا قد رأينا ... إلى آخره.
تقريره أن يُقال: لا شك أن الإمام ضامن لما ذكرنا من قوله - عليه السلام -: "الإِمام ضامن".
أخرجه ابن حبان في "صحيحه".
ثم معنى الضمان أنه يضمن صلاة المأمومين صحةً وفسادًا، فتكون صلاتهم مضمنة لصلاته؛ ولهذا إذا سها الإِمام يجب على القوم ما يجب عليه بسهوه، فإذا كان كذلك لم يجز أن تكون صلاتهم خلاف صلاته؛ لأن الإِمام إذا كان متنفلًا لم تكن تحريمته منعقدةً لما يبني عليه المقتدي وزيادة لصلاة الفرض.
والفرضية وإن لم تكن صفة زائدة على ذات الفعل فليست راجعةً إلى الذات أيضًا بل هي من الأوصاف الإضافية، فحينئذٍ لا يصح البناء من المقتدي بخلاف اقتداء المتنفل بالمفترض؛ لأن النفلية ليست من باب الصفة؛ إذْ النفل عبارة عن أصل لا وصف له فكانت تحريمة الإِمام منعقدة لما يبني عليه المقتدي وزيادة، فيصح البناء.