ش: ذكر هذا تأكيدا لصحة ما ذكره من أن صلاة المأمومين مضّمنة لصلاة الإِمام وأنّ ما رُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تأويله على أنه لم يتقن كما ذكرناه، بيان ذلك: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أعاد بالقوم الصلاة حين نسي القراءة في صلاة المغرب مع اختلاف العلماء في فساد الصلاة بترك القراءة، فإعادتها مع القوم حين صلاها وهو جنب أولى وأحرى؛ لكون هذه الحالة أشد تأثيرًا في فساد الصلاة من تلك الحالة وهي حالة ترك القراءة؛ وذلك أن الصلاة قط لا تجوز بدون الطهارة سواء كانت طهارة حقيقية أو طهارة حكمية، وأما بدون القراءة فقد تجوز في بعض الصُوَر، كالأمي الذي لا يقدر على تعلم القراءة، والأخرس الذي لا يقدر على تحريك لسانه بحروف القرآن.
ثم إسناد أثر عمر - رضي الله عنه - صحيح، ويحيى بن يحيى النيسابوري شيخ مسلم، وأبو معاوية الضرير محمد بن خازم، والأعمش هو سليمان بن مهران، وإبراهيم هو النخعي، وهمام بن الحارث النخغي الكوفي، روى له الجماعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١) بأتم منه: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام قال:"صلى عمر- رضي الله عنه - المغرب فلم يقرأ فيها، فلما انصرف قالوا له: يا أمير المؤمنين، إنك لم تقرأ. فقال: إني قد حدثت نفسي وأنا في الصلاة بعير وجهتها من المدينة فلم أزل أجهزها حتى دخلت الشام. قال: ثم أعاد الصلاة والقراءة".
ص: فإن قال قائل: فقد روي عن عمر - رضي الله عنه - خلاف ذلك فذكر ما حدثنا بكر بن إدريس، قال: ثنا أدم بن أبي إياس، قال: ثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، أن عمر - رضي الله عنه - قال له رجل:"إني صليت صلاةً لم أقرأ فيها شيئًا؟ فقال له عمر- رضي الله عنه -: أليس قد أتممتَ الركوع والسجود؟ قال: بلى. قال: تمت صلاتك" قال شعبةُ: فحدثني عبد الله بن عمر العُمري