قلت: لكونهما مشتملتين على الإخبار بالبعث، والإخبار عن القرون الماضية وإهلاك المكذبين، وتشبيه بروز الناس للعيد ببروزهم للبعث وخروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر، والله أعلم.
ص: وقد روي عن النبي - عليه السلام - أنه قرأ في الجمعة بغير ما ذكرنا عنه أيضًا في الآثار الأُوَل، فمما روى عنه في ذلك: ما حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيد الله بن عبد الله:"أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ماذا كان يَقرأُ به النبي - عليه السلام - يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة؟ قال: كان يقرأ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا مالك بن أنس، عن ضمرة ابن سعيد، عن عبيد الله بن عبد الله:"أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ما كان النبي - عليه السلام - يَقرأُ به في الجمعة؟ قال: سورة الجمعة و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ".
حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي - عليه السلام -: "أنه كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة و {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} ".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان عن مخوّل بن راشد، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي - عليه السلام - مثله.
فلما جاء عن النبي - عليه السلام - في هذه الآثار أنه قرأ في العيدين والجمعة غيرَ ما جاء في الآثار الأُوَل لم يجب أن نحمل ذلك على التضادّ والتكاذب، ولكنا نحمله على الاتفاق والتصادق، فنجعل ذلك كله قد كان من النبي - عليه السلام -، فقرأ بهذا مرةً وبهذا مرةً، فحَكَى عنه كل فريقٍ من الفريقين ما حضره منه، ففي ذلك دليل على أن لا توقيت للقراءة في ذلك، وأن للإمام أن يقرأ في ذلك مع فاتحة الكتاب أيَّ القرآن شاء.