ولو لم يكن واجبًا لكان بمنزلة التروايح والسنن التي واظب عليها ولم يجعلها زيادة في الفرائض.
فإن قيل: فقد قال الأعرابي لسيدنا رسول الله - عليه السلام - حين سأله عن الصلوات:"هل عليّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع"، وقال لمعاذ - رضي الله عنه - إذ أرسله إلى اليمن:"أخبرهم أن الله تعالى افترض عليهم خمس صلوات".
قلت: في قوله: "زادكم" إشارة إلى أنها متأخرة عن وجوب الخمس، وأيضًا لم يقل أحدُ بفرضيته والوجوب غير الفريضة.
فإن قيل: لو كان واجبًا لما صلاه - عليه السلام - على الراحلة إذ الفرائض لا تؤدى على الراحلة إلا بشروط.
قلت: أنتم تقولون بفرضيته على النبي - عليه السلام - على ما هو الصحيح عندكم، وقال ابن عقيل: صح أن الوتر كان واجبًا عليه.
فإن قالوا: قال القرافي في "الذخيرة ": الوتر في السفر ليس واجبًا عليه، وصلاته إياه على الراحلة كانت في السفر.
يقال لهم: يكفي في هذا أنه قول بغير استناد إلى سنة صحيحة ولا ضعيفة، هذا ابن عمر- رضي الله عنه - يروي عنه الطحاوي أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالأرض ويزعم أن رسول الله كان يفعل ذلك.
وقال الدارقطني (١): ثنا عبد الله بن سليمان، ثنا عيسى بن حماد، ثنا الليث، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر:"أن رسول الله كان لا يوتر على راحلته".
وسنده صحيح على شرط مسلم.
فإن قيل: قال الخطابي: قوله: "أمدكم بصلاة " يدل على أنها غير لازمة لهم،