بها، فتكون الآثار المذكورة دالة على انتساخ ما رُوي من جوازه على الراحلة من هذه الجهة، وهو تحقيق ما ذكره الطحاوي.
فإن قيل: كيف يكون النسخ وقد صح عن ابن عمر أنه كان يوتر على راحلته بعد النبي - عليه السلام - ويقول:"كان رسول الله يفعل ذلك".
قلت: يجوز أن يكون الوتر عنده كالتطوع، فحينئذٍ له أن يصلي على الراحلة إن شاء وإن شاء على الأرض كما في التطوع.
على أن مجاهدًا قد رُوي عنه أنه كان ينزل للوتر، فعلى هذا يجوز أن يكون ما فعله من وتره على الراحلة قبل علمه بالنسخ ثم لمّا علمه رجع إليه وترك الوتر على الراحلة، فافهم.
قوله:"وليس في هذا دليل على أنه ... " أي أن الوتر فريضة أو تطوع، وأشار بذلك إلى أن الوتر له منزلة بين المنزلتين وهو أنه ليس بفرض قطعيّ كسائر الفرائض القطعية ولا هو يقصو عن السنن المؤكدة ولهذا يجب قضاؤه أبدًا ولا يكفر جاحده.
وعن هذا قال أبو حنيفة: الوتر فرض عملًا -واجبٌ علمًا- سُنّةُ سببًا، والله أعلم.