الجهة -عندي- ثبت نسخ الوتر على الراحلة، وليس في هذا دليل على أنه فريضة أو تطوع.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: هذه إشارة إلى بيان وجه النظر والقياس، بيانه: أنا الصلاة المفروضة لا يجوز أداؤها قاعدًا مع القدرة على القيام، فكذا لا يجوز أداؤها في السفر على الراحلة عند القدرة على النزول، والصلاة التطوع يجوز أداؤها قاعدًا مع القدرة على القيام، فكذا يجوز أداؤها في السفر على الراحلة مع القدرة على النزول، هذا أصلُ مجمع عليده، ثم الوتر لا يجوز أداؤه قاعدًا على الأرض مع القدرة على القيام بلا خلاف، فالقياس على ذلك أن لا يُصلَّي في السفر على الراحلة مع القدرة على النزول؛ لأن كل ما له أن يصل قاعدًا مع القدرة على القيام كان له أن يصليه في السفر على الراحلة، وكل ما ليس له أن يصليه قاعدًا مع القدرة على القيام ليس له أن يصليه في السفر على الراحلة، فافهم.
قوله:"فمن هذه الجهة" أشار به إلى جهة النظر الذي ذكره.
فإن قيل: ما حقيقة وجه نسخ الوتر على الراحلة حتى قال: فمن هذه الجهة عندي ثبت نسخ الوتر على الراحلة.
قلت: وجه ذلك أن يكون بدلالة التاريخ وهو أن يكون أحد النصين موجبًا للمنع والآخر موجبًا للإباحة، فإن التعارض بينهما ثابت من حيث الظاهر، ثم ينتفي ذلك بالمصير إلى دلالة التاريخ وهو أن النص الموجب للمنع يكون متأخرًا عن الموجب للإباحة، فكان الأخذ به أولى وأحق.
بيان ذلك: أن الآثار التي احتجت بها أهل المقالة الأولى توجب إباحة الوتر على الراحلة، والآثار التي احتجت بها أهل المقالة الثانية توجب منع ذلك، وذلك لأنها تخبر عن وجوب الوتر وإلحاقه بالفرائض، وكان الحكم في الفرائض أن لا تُصلّى على الراحلة عند القدرة على النزول، فكذلك يكون حكم ما أُلحق