قوله:"فليتوخ" أي فليقصد، من توخّيت الشيء أتوَخَّاه توخّيًّا إذا قصدت إليه وتعمدت فعله وتحريت فيه.
قوله:"مثل ما في حديث ابن وهب" أراد به الحديث الذي رواه عبد الله بن وهب، عن مالك بن أنس المذكور آنفًا.
قوله:"وعن ابن وهب، عن عمر نفسه" أي وبمثل ما في حديث يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب نفسه، وأشار به إلى طريق آخر عن يونس، عن ابن وهب، عن عمر نفسه.
ص: وأما وجه ذلك من طريق النظر: فإنا قد رأينا الأصل في ذلك: أن هذا الرجل قبل دخوله في الصلاة قد كان عليه أن يأتي بأربع ركعات، فلما شك في أن يكون جاء ببعضها؛ وجب النظر في ذلك ليُعلم كيف حكمه؟
فرأيناه لو شك في أن يكون قد صلى؛ لكان عليه أن يُصلّي حتى يَعلم يقينًا أنه قد صلى، ولا يعمل في ذلك بالتحري.
فكان النظر على هذا أن يكون كذلك هو في كل شيء من صلاته، كل ذلك عليه فرض، وعليه أن يأتي به حتى يعلم يقينًا أنه قد جاء به.
ش: أي: وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس: هو أنَّا رأينا الأصل في هذا الباب: أن هذا الرجل الذي شك في صلاته أصلّى ثلاثا أم أربعًا، كان الواجب عليه قبل دخوله في الصلاة أن يأتي بأربع ركعات، فكذلك إذا دخل وشكّ في أنه قد أتي ببعضها؛ لأن الشيء على أصله المعروف حتى يزيله يقينٌ لا شك معه، وأن الذي يدخل في شيء بيقين لا يجوز له أن يخرج عنه إلا بيقين أنه قد حل له الخروج من ذلك الشيء، ولما جاء الشكّ في إتيان بعضها؛ وجب النظر فيه لنعلم كيف حكمه.