للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: هذه العلة ضعيفة فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن شامي وهو عبيد الله الكلاعي، وقد قال البيهقي في باب: "ترك الوضوء من الدم" (١): ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح.

فلا نَدْري من أين حصل الضعف لهذا الإسناد.

ثم معنى قوله: "لكل سهو سجدتان" أي سواء كان من زيادة أو نقص كقولهم: لكل ذنب توبة، وحمله على هذا أولى من حمله على أنه كلما تكرر السهو ولو في صلاة واحدة لكل سهو سجدتان كما فهمه البيهقي حتى لا تتضاد الأحاديث، وأيضًا فقد جاء هذا التأويل مصرّحًا به في حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - عليه السلام -: "سجدتا السهو تجزئان عن كل زيادة ونقصان".

ذكره البيهقي في باب: "من كثر عليه السهو" (٢)، على أن البيهقي فهم من هذا اللفظ أيضًا ما فهمه في هذا الباب، وبهذا لا يظهر لك أنه لا اختلاف بين حديث ثوبان وبين حديث أبي هريرة وعمران وغيرهما.

فإن قيل: روايات القول أيضًا متعارضة، ألا ترى إلى ما رواه عبد الله بن مسعود، عن رسول الله - عليه السلام - أنه قال: "إذا كنت في صلاةٍ فشككت في ثلاث وأربع وأكبر ظنك على أربع؛ تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضًا، ثم تسلم".

أخرجه أبو داود (٣).

قلت: لا يضر ما ذكرت؛ لأن هذا الخلاف في الأولوية فللمصلي أن يختار أي قولٍ شاء؛ لأن الأحاديث صحّت في الأقوال والأفعال جميعًا، على أن صاحب "البدائع" قد ذكر أن ما رواه الخصم من أنه سجد للسهو قبل السلام مجمل،


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (١/ ١٤٢ رقم ٦٥٣).
(٢) "سنن البيهقي الكبرى" (٢/ ٣٤٦ رقم ٣٦٧٦).
(٣) "سنن أبي داود" (١/ ٢٧٠ رقم ١٠٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>