للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: ذكر في وجه هذا النظر والقياس أربعة أشياء إذا دخل فيها الرجل تمنعه عن أشياء:

الأول: الصلاة: فإنها تمنع مَنْ يدخل فيها عن الكلام والأفعال التي تنافيها.

الثاني: الصوم: فإنه يمنع مَنْ يدخل فيه عن المفطرات الثلاث وهي الأكل والشرب والجماع.

الثالث: الحج والعمرة؛ فإنهما يمنعان من يدخل فيهما عن الجماع، واستعمال الطيب واللباس ونحوهما.

الرابع: الاعتكاف: فإنه يمنع من يدخل فيه عن الجماع والتصرف، وقد استوى العمد والنسيان في الفصلين بلا خلاف وهما فصل الحج والاعتكاف، ووقع الخلاف في فصل الصوم، فقال: بعضهم ليس النسيان فيه كالعمد؛ فإنه إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا لا يفسد صومه، فلا يجب عليه القضاء والكفارة، أشار إليه بقوله: "فقوم يقولون: لا يخرجه ذلك من صيامه". وأراد بهم: الأوزاعي، والليث، والثوري، وأبا حنيفة وأصحابه، والشافعي، وأحمد في رواية؛ ومالكًا في رواية أيضًا، وبعض أهل الظاهر، فإنهم ذهبوا إلى أن من فعل شيئًا من هذه الأشياء ناسيًا لا يفسد صومه، وليس عليه شيء، قال القاضي عياض: إلا أن مالكًا قال: يلزمه القضاء لا غير، وهو مشهور مذهب مالك، وهو قول جميع أصحابه، وقول ربيعة وعطاء، وقال بعضهم: العمد والنسيان فيه سواء، حتى إنه إذا أكل أو شرب أو جامع ناسيًا؛ فإنه يفسد صومه أشار إليه بقوله: "وقوم يقولون: قد أخرجه ذلك من صيامه" وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح، ومالكًا في رواية، وأحمد في رواية، وبعض الظاهرية.

وأما الصلاة فلم يختلفوا في أن من فعل فيها شيئًا مما هو مناف لها عمدًا -الكلام- فإنه يقطعها، فالنظر والقياس على الفصلين اللذين ليس فيهما خلاف في استواء العمدية والنسيانية، أن يكون حكم الصلاة كذلك في استواء العمدية والنسيانية.

فإن قيل: لم لا يقاس على فصل الصوم؟

قلت: لأنه مختلف فيه، وما قيس عليه متفق عليه، وهو أجدر بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>