للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أن عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله سلما على النبي - عليه السلام - وهو في الصلاة ثم كرها من بعد رسول الله - عليه السلام - السلام على المصلي، وذلك لكونهما قد علما أن الإشارة التي كانت من النبي - عليه السلام - حين سلما عليه وهو في الصلاة لم تكن لأجل الرد وإنما كانت لأجل النهي عن ذلك الفعل، وذلك لأن الصلاة ليست بمحل للسلام؛ لأن السلام كلام، فجوابه أيضًا يكون كلامًا، فلما ثبت أن الصلاة ليست بمحل للكلام، لم تكن أيضًا بمحل لرد السلام؛ لأنه كلام كالسلام، فإذا ثبت أنها ليست بمحل لرد السلام لم تكن أيضًا بمحل للإشارة التي تكون لرد السلام؛ لأنها تكون كرد السلام، وقد قلنا: إن ردَّ السلام كالكلام، فالكلام ممنوع فالسلام مثله، ورده كذلك سواء كان قولًا أو إشارة، والدليل على ذلك أيضًا أن النبي - عليه السلام - قد أمر المصلي بتسكين أطرافه في الصلاة كما في حديث جابر بن سمرة، ورد السلام بالإشارة تحريك للأطراف؛ لأن فيها رفع اليد وتحريك الأصابع، وهذا خلاف ما أمر به النبي - عليه السلام -، وذلك لا يجوز، والله أعلم.

ثم إسناد أثر ابن عباس صحيح، وقد مر غير مرة أن خُشَيْشا بضم الخاء وفتح الشين الأولى وسكون الياء آخر الحروف، وكلها معجمات، وعارم -بالعين المهملة- لقب محمد بن الفضل شيخ البخاري، وقيس هو ابن سعد من رجال مسلم، وعطاء هو ابن أبي رباح.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا وكيع، قال: ثنا سفيان، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح: "أن رجلًا سلم على ابن عباس وهو في الصلاة فأخذ بيده فصافحه، وغمز بيده".

وقال أيضًا (٢): ثنا حفص، عن ليث، عن عطاء قال: "سلمت على ابن عباس وهو في الصلاة فلم يردّ عليّ، وبسط يده إليّ وصافحني".


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٤١٩ رقم ٤٨٢٠).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٤١٩ رقم ٤٨١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>