فإذا يونس قد حدثنا، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا كان أحدكم يصلي، فلا يدعن أحدًا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع، فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا أبو ظفر، قال: ثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - عليه السلام - مثله.
حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا يعقوب بن حميد، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار.
وعن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن في سعيد، جميعًا عن النبي - عليه السلام - مثله.
ففي هذا الحديث أن كل مارٍّ بين يدي المصلي شيطان وقد سوى في هذا بني آدم والكلب الأسود إذا مروا بين يدي المصلي.
ش: استثنى هذا الكلام عما قبله؛ ليبين وجه التوفيق بين ما روي عن ابن عباس والفضل وبن ما روي عن أبي ذر الغفاري جندب بن جنادة المذكور في أول الباب؛ وذلك لأن أبا ذر روى أن الكلب الأسود هو الذي يقطع الصلاة، وأن خلافه من الكلاب بخلاف ذلك، وهما رويا أن الكلب مطلقًا لا يقطع الصلاة.
وجه التوفيق في ذلك: هو أن النبي - عليه السلام - لما سئل عن الكلب الأسود قال: الأسود شيطان، فعلل بأن المعنى الموجب لقطع الأسود هو كونه شيطانًا، فإذا كانت العلة هذه فقد وجدنا في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - جعل كل مارٍّ بين يدي المصل شيطانًا، وهو بعمومه يتناول بني آدم والكلب الأسود والأبيض والأحمر وغير ذلك، فعلم من ذلك أن الكلب على سائر ألوانه حكمه في هذا الأمر كحكم غيره من بني آدم والحمار، في عدم القطع؛ لأنه - عليه السلام - أمر بالدرء في حق كل مارٍّ ولم يخص مارًّا عن مارٍّ.
فإن قيل: إذا سلم ذلك، فما وجه التخصيص بذكر الأسود؟