للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرور بين يديه واختلفوا في موضع يأمن، فعن مالك قولان، وعند الشافعي هي مشروعة مطلقًا، فإن كان في الفضاء هل يصلي إلى غير سترة؛ فأجازه ابن القاسم لهذا الحديث، وقال مطرف وابن الماجشون: لا بد من السترة، وذكر عن عروة وعطاء وسالم والقاسم والشعبي والحسن أنهم كانوا يصلون في الفضاء إلى غير سترة.

قوله: "فقد وافق هذا الحديث" أي قد وافق حديث الفضل بن عباس هذا حديث صهيب البكري البصري وحديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة اللذين ذكرا فيما مضى في الفصل الذي قبل هذا، وهما رويا عن ابن عباس في حديثيهما حكم الحمار، وأنه لا يقطع الصلاة فكذلك روى الفضل في حديثه المذكور حكم الحمار وأنه لا يقطع الصلاة، وزاد هو في روايته هذه "الكلب" بأنه لا يقطع الصلاة، وقد كان روي عن ابن عباس أن مرور الكلب بين يدي المصلي يقطع الصلاة، وهو المذكور في أول الباب الذي احتج به أهل المقالة الأولى، وروي عنه أيضًا ما يخالفه، وهو الذي احتج به أهل المقالة الثانية، وقد ذكرنا أن بينهما تعارضًا ظاهرًا، وذكرنا أيضًا أن روايته الثانية ناسخة للأولى؛ لأنه روي عنه من بعد النبي - عليه السلام -فيما رواه عكرمة عنه- أن الكلب لا يقطع الصلاة، وفتواه هذه تدل على انتساخ ذلك الحديث الذي فيه القطع؛ لأنه لو لم يعلم ذلك ولم يثبت عنده لما قال بعد النبي - عليه السلام - قولًا يخالف ما رواه عنه، ودل ذلك أيضًا على أن ما رواه الفضل عن النبي - عليه السلام - من ذلك كان متأخرًا عما رواه عبد الله بن عباس عن النبي - عليه السلام -، والمتأخر ناسخ للمتقدم بلا خلاف.

ص: غير أن أبا ذر - رضي الله عنه - روى عن النبي - عليه السلام - أنه فصل بين الكلب الأسود من غيره من الكلاب، فجعل الأسود يقطع الصلاة، وجعل ما سواه بخلاف ذلك، وأن رسول الله - عليه السلام - سئل عن ذلك فقال: "الأسود شيطان".

فدل ذلك على أن المعنى الدي وجب به قطعه إنما هو لأنه شيطان، فأردنا أن ننظر هل عارض ذلك شيء؟

<<  <  ج: ص:  >  >>