ص: فقد تواترت هذه الآثار عن رسول الله - عليه السلام - بما يدل على أن بني آدم لا يقطعون الصلاة، وقد جعل كل مار بين يدي المصلي في حديث ابن عمر وأبي سعيد عن النبي - عليه السلام - شيطانًا، وأخبر أبو ذر عن النبي - عليه السلام - أن الكلب الأسود إنما يقطع الصلاة لأنه شيطان؛ فكانت العلة التي لها جعلت لقطع الصلاة قد جعلت في بني آدم أيضًا، وقد ثبت عن النبي - عليه السلام - أنهم لا يقطعون الصلاة؛ فدل أن كل مارٍّ بين يدي المصلي مما سوى بني آدم كذلك أيضًا لا يقطع الصلاة.
ش: أي فقد تكاثرت وتتابعت، وأراد بهذه الآثار: الأحاديث التي رواها عن عائشة وعلي وأم سلمة وميمونة بنت الحارث - رضي الله عنهم -، يعني أحاديث هؤلاء تواردت بدلالتها على أن مرور بني آدم بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة.
قوله:"وقد جعل كل مارٍّ ... " إلى آخره، بيانه أن النبي - عليه السلام - جعل كل مارٍّ بين يدي المصلي -من بني آدم وغيرهم من الحيوان- شيطانًا، وذلك في حديث عبد الله بن عمر وحديث أبي سعيد الخدري، وقد كان أخبر أبو ذر الغفاري عن النبي - عليه السلام - أن الكلب الأسود إنما يقطع الصلاة لأنه شيطان فصارت العلة في الجميع كون المار شيطانًا، وقد ثبت عن النبي - عليه السلام أن بني آدم لا يقطعون الصلاة، فكذلك ينبغي أن لا يقطع مرور غيرهم من الحيوانات، نظرًا على ذلك وقياسًا عليه، لعموم علة القطع في الكل.
قوله:"فكانت العلة التي لها" أي للحيوانات من غير بني آدم.
وقوله:"قد جعلت في بني آدم" أيضًا خبر "كانت" فافهم.
قوله:"فدل ... إلى آخره" نتيجة مترتبة على ما قبله من الكلام.
ص: والدليل على صحة ما ذكرنا: أن ابن عمر -مع روايته ما ذكرنا عنه عن النبي - عليه السلام -- قد روي عنه من قوله من بعده ما حدثنا يونس، قال: ثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم قال:"قيل لابن عمر: إن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة يقول: يقطع الصلاة الكلب والحمار، فقال: ابن عمران - رضي الله عنهما - لا يقطع صلاة المسلم شيء".