للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمر: الظاهر من مذهب مالك أن الدباغ لا يطهر جلد الميتة، ولكن ينتفع الانتفاع به في الأشياء اليابسة ولا يصلى عليه، ولا يؤكل فيه، وذكر ابن عبد الحكم عن مالك ما يشبه مذهب ابن شهاب في ذلك، وقول ابن شهاب: إن جلد الميتة وإن لم يدبغ يستمتع به وينتفع، وروي ذلك عن الليث بن سعد أيضًا، وروي عنهما خلافه، ولكن الأشهر ما ذكرناه.

وقال ابن حزم في "المحلى": وقال مالك: لا يصلي في شيء من جلود الميتة وإن دبغت، ولا يحل بيعها أي جلد كان، ولا يستقى فيها، لكن جلود ما يؤكل لحمه إذا دبغت جاز القعود عليها وإن يغربل عليها وكره الاستقاء فيها بأخرة لنفسه، ولم يمنع من ذلك غيره ورأى جلود السباع إذا دبغت مباحة للجلوس عليها وللغربلة، ولم ير جلد الحمار وإن دبغ يجوز استعماله، وقال: قال أحمد بن حنبل: لا يحل استعمال جلود الميتة وإن دبغت انتهى.

وفي "الحاوي" في فقه أحمد: ولا يطهر جلد ما لا يؤكل لحمه، ولا جلد مأكول ذكاة من لا تحل زكاته وما نجس بموته لا يطهر جلده بالدباغ، وفي جواز استعماله بعد الدبغ في اليابسات روايتان، وعنه يطهر جلد ما كان طاهرًا في الحياة وقيل: المأكول، والله أعلم.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: إذا دبغ جلد الميتة أو عصبها فقد طهر، ولا بأس ببيعه والانتفاع به، والصلاة عليه.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم: عمر بن عبد العزيز والنخعي ومحمد بن سيرين وعروة بن الزبير والثوري وسعيد بن جبير والليث والزهري والأوزاعي وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا والشافعي وعبد الله بن وهب وآخرين كثيرين، فإنهم قالوا: يطهر جلد الميتة بالدباغ ويجوز بيعها والانتفاع بها من كل الوجوه، وإليه ذهب أهل الظاهر أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>