وقال ابن حزم في "المحلى": ويطهر جلد الميتة أي ميتة كانت ولو أنها جلد خنزير أو كلب أو سبع أو غير ذلك بالدباغ، بأي شيء دبغ طهر، فإذا دبغ حَلَّ بيعه والصلاة عليه، وكان كجلد ما ذكي مما يحلُّ أَكله، إلا أن جلد الميتة المذكور لا يحل كله بحال حاشي جلد الإنسان فإنه لا يحل أن يدبغ ولا أن يسلخ ولا بد من دفنه، وإن كان كافرًا، وصوف الميتة وشعرها وريشها ووبرها حرام قبل الدباغ حلال بعده، وعظمها وقرنها حرام كله لا يحل بيعه ولا بيع الميتة ولا الانتفاع بعصبها ولا بشحمها، وقال: قال الشافعي: يتوضأ في جلود الميتة إذا دبغت، أي جلد كان إلا جلد كلب أو خنزير، ولا يطهر بالدباغ لا صوف ولا شعر ولا وبر ولا عظام ولا قرن ولا سن ولا ريش إلا الجلد وحده فقط. انتهى.
وقال أبو عمر: وكذلك قال محمد بن عبد الحكم وداود بن علي وأصحابه، واحتجوا بقوله - عليه السلام -: "أيُّما إهاب دبغ فقط طهر" حملوه على العموم في كل جلد.
قال أبو عمر: يحتمل أن يكون أراد بهذا القول عموم الجلود المعهودة الانتفاع بها، وأما جلد الخنزير فلم يدخل في المعنى؛ لأنه غير معهود الانتفاع بجلده، إذ لا تعمل فيه الذكاة، وذكر ابن القاسم عن مالك أنه خفف الذكاة في جلود السباع، وكره جلود الحمير مذكاة.
قال ابن القاسم: أما جلد السبع والكلب إذا ذكي فلا بأس ببيعه والشرب فيه والصلاة عليه.
قال أبو عمر: الذكاة عند مالك وابن القاسم عاملة في السباع لجلودها وغير عاملة في الحمير والبغال، وأما أشهب فقال: جلد الميتة إذا دبغ لا أكره الصلاة فيه ولا الوضوء منه وأكره بيعه ورهنه، فإن بيع ورهن، لم أفسخه، قال: وكذلك جلود السباع إذا ذكيت ودبغت، وهي عندي أخف لموضع الذكاة مع الدباغ، فإن لم تذك جلود السباع فهي كسائر جلود الميتة إذا دبغت، وقال عبد الملك بن حبيب: لا يجوز بيع جلود السباع ولا الصلاة فيها وإن دبغت إذا لم تذك، ولو ذكيت لمجردها حل بيعها والصلاة فيها، قال أبو عمر: قول أشهب هذا قول أكثر الفقهاء وأهل