للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج البخاري (١): عن عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، ثنا سعيد، عن أبيه، أنه سمع أبا سعيد الخدري قال: "كان النبي - عليه السلام - يقول: إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها أين تذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع لَصَعِقَ".

قوله: "وإذا وضع الرجل السَّوء" أي السيء، وهو بفتح السين وسكون الواو، وقال الجوهري: سَاَعَه يَسُوءَه سوءًا -بالفتح- نقيض سَرَّه والاسم السُّوء -بالضم- وتقول: رجل سَوْء بالإضافة، ثم تدخل عليه الألف واللام فتقول: هذا رجل السوء قال الأخفش: ولا يقال: الرجل السوء؛ لأن السوء ليس بالرجل، ولا يقال أيضًا: هذا رجل السُوء بالضم.

قلت: الحديث يُرّدُ عليه ومعنى قوله: الرجل السوء: القصد إلى المبالغة في توصيفه بالقبح والسوء، كما يقال: الرجل العدل إذا كان كثير العدل، أو يأوّل على معنى الرجل ذو السوء كما يقال في رجل عدل: ذو عدل.

قوله: "يا ويلتي" كلمة تقال عند الدعاء على الإنسان، تقول: ويلك، وويل زيد. والويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب، وكل من وقع في هلكة دعى بالويل.

والمعنى ها هنا يا حزني ويا هلاكي ويا عذابي، أين تذهبون بي، وليس لي موضع فيه راحة؟ وقد تُبْدل الياء ألفًا فيقال: يا ويليتا وقد تدخل فيه الهاء فيقال: يا ويلتاه.

ص: فذهب قوم إلى أن السرعة بالسير بالجنازة أفضل من غير ذلك، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار.

ش: أراد بالقوم هؤلاء: محمد بن سيرين والحسن البصري وقتادة وعمر بن عبد العزيز وعلقمة وأبا وائل، فإنهم قالوا: الإسراع بالجنازة في مشيها أفضل،


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٤٤٢ رقم ١٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>