معناه هات كما في قوله تعالى:{قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ}(١) وتدخل فيه نون التأكيد تقول: هَلُمَّنَّ هَلُمَّانَّ هَلُمُّنَّ هَلُمِّنَّ، هَلِمَّانَّ هَلِمَّنانَّ.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أن المشي أمام الجنازة أفضل من المشي خلفها، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: القاسم وسالم بن عبد الله والزهري وشريحًا وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلقمة والأسود وعطاء ومالكًا والشافعي وأحمد؛ فإنهم ذهبوا إلى أن المشي أمام الجنازة أفضل، ويحكى ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر وأبي هريرة والحسن بن علي وابن الزبير وأبي قتادة وأبي أسيد - رضي الله عنهم -.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: المشي خلفها أفضل من المشي أمامها.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي والثوري والأوزاعي وسويد بن غفلة ومسروقًا وأبا قلابة وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وإسحاق وأهل الظاهر؛ فإنهم قالوا المشي خلف الجنازة أفضل.
ويروى ذلك عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي الدرداء وأبي أمامة - رضي الله عنهم -.
ص: وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى: أن حديث ابن عيينة الذي ذكرناه في أول هذا الباب قد رواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال:"رأيت رسول الله - عليه السلام - وأبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - يمشون أمام الجنازة" فصار في ذلك خبرًا عن ابن عمر عَمَّار رأي أي رسول الله - عليه السلام - وأبا بكر وعمر يفعلونه في ذلك، وقد يجوز أن يكون كانوا يفعلون شيئًا وغيره عندهم أفضل منه للتوسعة؛ كما قد توضأ رسول الله - عليه السلام - مرة مرة والوضوء مرتين مرتين أفضل منه، والوضوء ثلاثًا ثلاثًا أفضل من ذلك كله ولكنه فعل ما فعل من ذلك للتوسعة.