حدثنا روح الفرج، قال: ثنا ابن غفير، قال: حدثني يحيى بن أيوب، عن حميد، عن أنس بن مالك، مثله.
وقد روي عن رسول الله - عليه السلام - في ذلك أيضًا ما حدثنا عبد الغنيم بن رفاعة اللخمي، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن أشعث بن سليم، قال: سمعت معاوية بن سويد بن مقرن، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: "أمرنا رسول الله - عليه السلام - باتباع الجنازة". ففي هذا الحديث أنه أمرهم باتباع الجنازة، والمتبع للشيء هو المتأخر عنه لا المتقدم أمامه، ففيما ذكرنا ما قد دل على فساد قول الزهري:"إن المشي خلف الجنازة من خطأ السنة".
ش: لما احتجت أهل المقالة الأولى في جملة احتجاجهم بما رووه عن الزهري من أن المشي خلف الجنازة من خطأ السنة، أورد ها هنا أحاديث وآثارًا تدل على أن المشي خلف الجنازة مباح، وكذا عن يمينها وشمالها وعلى أنَّا أمرنا باتباع الجنازة، والمتبع للشيء هو المتأخر عنه بلا شك، فهذا كله يدل على فساد ما رووه عن الزهري.
ثم إنه أخرج في ذلك عن أنس بن مالك والمغيرة بن شعبة والبراء بن عازب - رضي الله عنهم -.
أما عن أنس فأخرجه من أربع طرق.
الأول: عن ربيع بن سليمان الجيزي شيخ أبي داود والنسائي، وعن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، كلاهما عن أبي زرعة وهب الله بن راشد الحجري المصري المؤذن، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك.
وهذا إسناد حسن جيد لأن رجاله ثقات.
فإن قيل: كان النسائي لا يرضى أبا زرعة هذا، وغمزه سعيد بن أبي مريم.
قلت: قال أبو حاتم: محله الصدق، وذكر ابن يونس أن القضاة كانت تقبله.