وهذا كله يدل على فساد قول الزهري:"المشي خلف الجنازة من خطأ السنة" على ما يجيء مستقصى عن قريب إن شاء الله.
ص: ثم رجعنا إلى ما روي في هذا الباب من الآثار، هل فيه شيء ييبح المشي خلف الجنازة؟ فإذا ربيع الجيزي وابن أبي داود قد حدثانا، قالا: ثنا أبو زرعة، قال: أنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك:"أن رسول الله - عليه السلام - وأبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها".
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بكر البرساني، عن يونس بن يزيد .... ثم ذكر بإسناده مثله.
ففي هذا الحديث أن رسول الله - عليه السلام - كان يمشي خلف الجنازة كما كان يمشي أمامها، فإن كان مشيُ رسول الله - عليه السلام - وأبي بكر وعمر أمام الجنازة حجة لكم أنَّ ذلك أفضل من المشي خلفها، فكذلك مشيُ رسول الله - عليه السلام - وأبي بكر وعمر خلفها حجة لمخالفكم عليكم أنَّ ذلك أفضل من المشي أمامها، فقد استوى خصمكم وأنتم في هذا الباب، فلا حجة لكم فيه عليه.
وقد حدثنا أبو بكرة وابن مرزوق، قالا: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: ثنا سعيد بن عبيد الله، عن زياد بن جبير، عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "الراكب خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها".
فأباح في هذا الحديث أيضًا رسول الله - عليه السلام - المشي خلف الجنازة كما أباح المشي أمامها، وليس في شيء مما ذكرنا ما يدل على الأفضل من ذلك ما هو؟.
وقد روي عن أنس بن مالك ما معناه قريب من معنى حديث المغيرة، ولم يذكر عن النبي - عليه السلام -.
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك في الرجل يتبع الجنازة قال:"إنما أنتم مشيعون لها، فامشوا بين يديها، وخلفها، وعن يمينها، وعن شمالها".