للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن المسلم إذا مات له قريب نصراني له أن يتبع جنازته إلى أن يواروه في تراب.

وقد روى أبو داود (١) وغيره: عن علي - رضي الله عنه - قال: "قلت للنبي - عليه السلام - إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: اذهب فوار أباك، ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني، فذهبت فواريته وجئته، فأمرني فاغتسلت، ودعى لي".

وبه استدل أصحابنا على أن المسلم إذا مات له قريب كافر يغسله ويدفنه، وقال صاحب "الهداية": وإن مات الكافر وله وليّ مسلم يغسله ويكفنه ويدفنه، بذلك أمِرَ علي - رضي الله عنه - في حق أبيه أبي طالب.

قلت: وليس في الحديث الغسل والتكفين إلا أن يؤخذ ذلك من مفهوم قوله: "فأمرني فاغتسلت" فإن الاغتسال شُرعَ من غسل الميت مع أنه قد جاء مصرحًا به في بعض الأحاديث، فروى ابن سعد في "الطبقات" (٢): أنا محمد بن عمر الواقدي، حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، عن علي - رضي الله عنه - قال: "لما أخبرت رسول الله - عليه السلام - بموت أبي طالب بكي، ثم قال لي: اذهب فاغسله وكفنه وواره .... " الحديث.

قلت: قالت العلماء: لكن لا يراعي فيه سنة الغسل والتكفين والله أعلم.

ص: حدثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا الفريابي، قال: ثنا إسرائيل، قال: ثنا أبو يحيى، عن مجاهد، قال: "كنت مع عبد الله بن عمر جالسًا، فمرت به جنازة، فقام ابن عمر ثم قال: قم، فإني رأيت رسول الله - عليه السلام - قام لجنازة يهودي مرت عليه، فقيل: هل لك أن تتبعها فإن في اتباعها أجرًا؟ فانطلقنا نمشي معها، فنظر فرأى ناسًا، فقال: ما أولئك الذين بين يدي الجنازة؟ فقلت: هم أهل الجنازة، فقال: ما


(١) "سنن أبي داود" (٣/ ٢١٤ رقم ٣٢١٤) وأخرجه النسائي في "المجتبى" (١/ ١١٠ رقم ١٩٠) وأحمد في "مسنده" (١/ ٩٧ رقم ٧٥٩).
(٢) "الطبقات الكبير" (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>