للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون المشي خلف الجنازة أفضل من المشي أمامها وقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - في جنازة زينب - رضي الله عنهما - يقدم الناس أمامها، فذلك دليل على أنه كان لا يرى المشي خلفها أصلًا، ولولا ذلك لأباحه لمن مشي خلفها.

قيل: وكيف يجوز ما ذكرت وقد قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "إنهما -يريد أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما --يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها" ثم يفعل هذا المعنى الذي ذكرت، ولكنه فعل ذلك -عندنا والله أعلم- لعارض إما لنساء كن خلفها، فكره للرجال مخالطتهن فأمرهم بالتقدم لذلك العارض لا لأنه أفضل من المشي خلفها.

وقد سمعت يونس يذكر، عن ابن وهب، أنه سمع من يقول ذلك، وهو أولى ما حمل عليه هذا الحديث، حتى لا يتضاد ما ذكره علي عن أبي بكر وعمر - رضي الله عنهم -.

ش: تقرير السؤال أن يقال: كيف يكون المشي خلف الجنازة أفضل وقد كان عمر - رضي الله عنه - أمر الناس أن يتقدموا في جنازة زينب بنت جحش أم المؤمنين - رضي الله عنها - كما مر فيما مضى، وكان ذلك بحضرة الصحابة، فلم ينكر عليه أحد، فدل ذلك أن المشي أمام الجنازة أفضل، وأن عمر لا يرى المشي خلفها أصلًا.

وتقرير الجواب أن يقال: لا نسلم أن تقديم عمر الناس في جنازة زينب لأجل ما ذكرتم، وكيف يكون كذلك وقد أخبر علي - رضي الله عنه - في حديثه أن عمر كان يعلم أن المشي خلف الجنازة أفضل، وإنما فعل ذلك لأجل التيسير على الناس، أو فعله لعارض، وهو أن الجنازة كانت وراءها نساء فأمر الرجال أن يتقدموا حتى لا يختلطوا بهن، قال الطحاوي: سمعت يونس بن عبد الأعلى يذكر عن عبد الله بن وهب أنه سمع من يقول هذا القول.

فهذا أولى ما حمل عليه هذا الحديث حتى لا يتضاد ما ذكره علي - رضي الله عنه - عن أبي بكر وعمر ويتفق الأثران والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>