وعندي وجه أخر لأمر عمر الناس بالتقدم في جنازة زينب - رضي الله عنها -: وهو أنه يحتمل أن يكون الناس كلهم قد تأخروا عن جنازة زينب، فظن عمر - رضي الله عنه - أنهم قد اعتقدوا كراهة المتقدم على الجنازة أو عدم إباحته، فأمرهم بذلك تعليمًا منه إياهم أن المشي أمام الجنازة مباح وغير محظور، فأمرهم أن يتقدموا وإن كان المشي خلفها أفضل من ذلك، والله أعلم.
ص: وقله حدثنا فهد، قال: ثنا محمد بن سعيد، قال: أنا شريك، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال:"كان الأسود إن كان معها نساء أخد بيدي فيقدمنا نمشي أمامها، فإذا لم يكن معها نساء مشينا خلفها، فهذا الأسود بن يزيد على طول صحبته لعبد الله بن مسعود وعلى صحبته لعمر - رضي الله عنه - قد كان قصده في المشي مع الجنازة إلى المشي خلفها إلا أن يعرض له عارض فيمشي أمامها لذلك العارض لا لأن ذلك أفضل عنده من غيره، فكذلك عمر - رضي الله عنه - فيما رويناه عنه فيما فعله في جنازة زينب هو على هذا المعنى عندنا والله أعلم.
ش: ذكر هذا الأثر عن الأسود بن يزيد تأييدا لصحة التأويل الذي ذكره في تقديم عمر الناس في جنازة زينب، وهو ظاهر.
وإسناده صحيح، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني شيخ البخاري، وشريك هو ابن عبد الله النخعي، ومغيرة هو ابن مقسم الضبي، وإبراهيم بن يزيد النخعي، وقد ذكروا غير مرة.
ص: وقد حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا محمد بن أبي السري، قال: ثنا فضيل بن عياض، قال: ثنا منصور، عن إبراهيم (ح).
وحدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: "كانوا يكرهون السير أمام الجنازة".
فهذا إبراهيم يقول: كانوا يكرهون السير أمام الجنازة وإذا قال: "كانوا" فإنما يعني بذلك أصحاب عبد الله بن مسعود، فقد كانوا يكرهون هذا ثم يفعلونه