للعذر؛ لأن ذلك أسهل من مخالطة النساء إذا قَرُبْن من الجنازة، فأما إذا بعدن منها أو لم يكن معها نساء فإن المشي خافها أفضل من المشي أمامها وعن يمينها وعن شمالها، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.
ش: ذكر هذا الأثر أيضًا تأكيدًا لما ذكره من وجه تقديم عمر الناس في جنازة زينب وهو ظاهر.
وأخرجه من طريقين صحيحين.
الأول: عن محمد بن خزيمة بن راشد، عن محمد بن أبي السري وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني شيخ أبي داود وأبي حاتم، عن فضيل بن عياض الزاهد المشهور، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي.
والثاني: عن روح بن الفرج القطان، عن يوسف بن عدي بن زريق شيخ البخاري، عن أبي الأحوص سلام بن سليم الكوفي، عن مغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي.
قوله:"لأن ذلك أسهل" أي لأن المتقدم على الجنازة أسهل من مخالطة النساء لأن مخالطة النساء الأجنبيات حرام، والتقدم على الجنازة مباح؛ فالإتيان بالمباح أسهل بل أفضل من ذلك، وقال محمد بن الحسن في "آثاره": أنا أبو حنيفة، عن حماد قال:"رأيت إبراهيم يتقدم الجنازة ويتباعد منها من غير أن يتوارى عنها"، وقال محمد:"لا نرى بتقدم الجنازة بأسًا، والمشي خلفها أفضل، وهو قول أبي حنيفة".
قلت: كان تقدم إبراهيم وتباعده عنها لأجل النساء كما ذكرنا، وكان يخاف أن يختلط بهن فيتباعد عنها من غير أن يتوارى عنها، ولكن إذا لم يكن نساء كان يمشي خلفها طلبا للأفضل وقول محمد -رحمه الله-: "لا نرى بتقدم الجنازة بأسًا" يشعر أن هذا الفعل مباح غير محظور ولكن الأفضل أن يمشي خلفها، ذكرنا من الأدلة والبراهين، والله أعلم.