للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: أن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم - كان يجلس قبل أن توضع الجنازة ولا يقوم لها، وكان يخبر عن عمته عائشة أم المؤمنين أنها كانت تنكر القيام للجنازة أصلًا وتقول: إن ذلك كان من أفعال الجاهلية. فدل هذا أيضًا على

ثبوت النسخ؛ إذ لو لم يثبت ذلك عند القاسم لما خالف ذلك، ولو لم يثبت عن عائشة أيضًا لما أنكرته، والله أعلم.

ثم إسناد أبو القاسم صحيح ورجاله كلهم رجال الصحيح.

وأخرجه البيقهي في "سننه" (١): من حديث عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن ابن القاسم: "أن القاسم كان يمشي بين يدي الجنازة، ويجلس قبل أن توضع، ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة أنها قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها إذا رأوها، ويقولون: في أهلك ما أنت، في أهلك ما أنت".

قوله: "وكان أبو حنيفة ... إلى آخره" فيه أن مذهب أبي حنيفة وصاحبيه انتساخ القيام للجنازة وقبل وضعها عن أعناق الرجال، وأنه لا يستحب القيام لها، ولا يكره الجلوس قبل وضعها، وقد ذكر في كتب الحنفية: ويكره الجلوس قبل وضعها عن أعناق الرجال. وبين الكلامين مخالفة ولكن القول ما قاله الطحاوي؛ لأنه الأعلم بمذاهب العلماء.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٤/ ٢٨ رقم ٦٦٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>