للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ابن عمر قد كان يفعل هذا، وقد روى عن عامر بن ربيعة عن النبي - عليه السلام - خلاف ذلك فدل تركه لذلك إلى ما كان يفعل على ثبوت نسخ ما حدثه عامر بن ربيعة.

حدثنا يونس أيضًا، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه: "أن القاسم كان يجلس قبل أن توضع الجنازة ولا يقوم لها، ويخبر عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان أهل الجاهلية يقومون لها إذا رأوها، ويقولون: في أهلك ما أنت، في أهلك ما أنت".

فهذه عائشة تنكر القيام لها أصلًا، وتخبر أن ذلك كان من أفعال أهل الجاهلية وكان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله يذهبون في كل ما ذكرنا في هذا الباب إلى ما قد بينا نسخه لما قد خالفه، وبه نأخذ.

ش: ذكر هذا تأييدًا لما ذكره من انتساخ حكم القيام للجنازة، وانتساخ الأحاديث التي دلت على ذلك، وذكر شيئين:

أحدهما: أن عبد الله بن عمر كان يجلس قبل أن توضع الجنازة.

أخرج ذلك بإسناد صحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن أنس بن عياض بن ضمرة المدني روى له الجماعة، عن أنيس بن أبي يحيى سمعان الأسلمي المدني وثقه يحيى والنسائي والحاكم، عن أبيه أبي يحيى سمعان بن يحيى الأسلمي المدني وفقه ابن حبان وروى له الأربعة.

وأبو يحيى هذا أخبر عن ابن عمر أنه كان يجلس قبل أن توضع الجنازة، والحال أن ابن عمر قد روى عن عامر بن ربيعة عن النبي - عليه السلام - خلاف ذلك، فدل تركه لما رواه إلى ما كان فعله من تركه القيام قبل وضع الجنازة على ثبوت انتساخ ما حدث به عن عامر، عن النبي - عليه السلام -؛ لأن الراوي لا يجوز له أن يعمل بخلاف ما روى إلا بعد ثبوت النسخ عنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>