منكرات صالح، ثم أسند إلى شعبة أنه كان لا يروي عنه وينهى عنه. وإلى مالك أنه قال: لا تأخذوا عنه شيئًا؛ فإنه ليس بثقة. وإلى النسائي أنه قال فيه: ضعيف. وأسند عن ابن معين أنه قال فيه: ثقة، لكنه اختلط قبل موته، فمن سمع منه قبل ذلك فهو ثبت حجة. وقال البيهقي: وفي سنده صالح مولى التوءمة مختلف في عدالته، كان مالك يجرحه. هذا ما ذكروا ولكنه لا يتمشى؛ لأن
صاحب "الكمال" ذكر عن ابن معين أنه قال: صالح ثقة حجة. قيل: إن مالكًا ترك السماع منه، قال: إنما أدركه مالك بعدما كبر وخرف، والثوري إنما أدركه بعدما خرف فسمع منه أحاديث منكرات، ولكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف، ومن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت، وقال العجلي: صالح ثقة وقال ابن عدي: لا بأس به إذا سمعوا منه قديمًا مثل ابن أبي ذئب وابن جريج
وزياد بن سعد وغيرهم، ولا أعرف له قبل الاختلاط حديثًا منكرًا إذا روى عنه ثقة، وقال أحمد بن حنبل: ما أعلم بأسًا ممن سمع منه قديمًا.
فثبت بهذا أن هذا الحديث صحيح؛ لأنهم كلهم اتفقوا أن صالحًا ثقة قبل اختلاطه، وإنما تكلموا فيه لأجل اختلاطه، ولا اختلاف في عدالته، وأن ابن أبي ذئب سمع منه هذا الحديث قديمًا قبل اختلاطه، فصار الحديث حجة.
فإن قيل: قال ابن حبان في كتاب "الضعفاء": اختلط صالح بآخر عمره ولم يتميز حديثه، حديثه من قديمه، فاستحق الترك. ثم ذكر له هذا الحديث وقال: إنه باطل. وكيف يقول رسول الله - عليه السلام - ذلك وقد صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد؟!
وقال النووي: أجيب عن هذا بأجوبة:
أحدها: أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به، قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوءمة، وهو ضعيف.