للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن الذي في النسخ المشهورة المسموعة في "سنن" أبي داود: "فلا شيء عليه"، فلا حجة فيه.

الثالث: أن "اللام" فيه بمعنى "على" كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} (١) أي فعليها جمعًا بين الأحاديث.

قلت: أما قول ابن حبان: إنه باطل؛ كلام باطل؛ لأن مثل أبي داود أخرج هذا الحديث وسكت عنه، فأقل الأمر منه أنه يدل على حسنه عنده، وأنه رضي به.

وأخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجه (٢) وغيرهم فتشنيعه كله بسبب اختلاط صالح، وقد ذكرنا أنهم كلهم مجمعون على عدالته وعلى ثقته قبل الاختلاط، وأن من أخذ منه قبل الاختلاط فهو صحيح. وقالوا أيضًا: إن ابن أبي ذئب أخذ عنه قديمًا قبل اختلاطه، فكيف يكون باطلًا؟! وكيف يسوغ التلفظ بمثل هذا الكلام لإبراز التعصب؟! والعجب منه أنه يقول: وكيف يقول رسول الله - عليه السلام - ذلك وقد صلى على سهيل؟! فكأنه نسي باب النسخ، ومثل هذا كثير قد فعل رسول الله - عليه السلام - شيئًا ثم تركه أو نهى عنه.

والجواب عن قول النووي: أما قوله: إنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به؛ إن كان مراده أنه ضعيف قبل الاختلاط فلا نسلم ذلك؛ لما ذكرنا أنهم مجمعون على عدالته وعلى ثقته قبل الاختلاط، وإن كان مراده بعد الاختلاط فمسلم ولكن لا يضرنا ذلك؛ لما قلنا: إن ابن أبي ذئب أخذ منه قبل الاختلاط.

وأما قوله: إن النسخة الصحيحة: "فلا شيء عليه" مجرد دعوى فلا تقبل إلا ببرهان، ويرده أيضًا قول الخطيب: المحفوظ: "فلا شيء له".

وأما قوله: إن اللام فيه بمعنى على عدول عن الحقيقة من غير ضرورة ولا سيما على أصلهم: أن المجاز ضروري لا يصار إليه إلا عند الضرورة، ولا ضرورة ها هنا،


(١) سورة الإسراء، آية: [٧].
(٢) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>