وحمل بعضهم النعي على نعي الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وشبهها، وأيضًا فحذيفة لم يجزم بكون الإعلام نعيًا، إنما قال: أخاف أن يكون نعيًا.
وفي "المهذب" لأبي إسحاق: يكره نعي الميت والنداء عليه للصلاة وغيرها، وذكر الصيدلاني وجهًا أنه لا يكره، وقيل: لا يستحب، وقال بعضهم: يستحب ذلك للغريب لا لغيره، وبه قال ابن عمر.
وقال ابن الصباغ: يكره النداء ولا بأس بتعريف أصدقائه، وهو قول أحمد بن حنبل، وقال أبو حنيفة: لا بأس به.
وقال ابن قدامة: ويكره النعي وهو أن يبعث مناديًا ينادي في الناس: إن فلانًا مات ليشهدوا جنازته، واستدل بحديث حذيفة، ثم قال: واستحب جماعة من أهل العلم أن لا يعلم الناس بجنائزهم منهم عبد الله بن مسعود وأصحابه وعلقمة والربيع بن خثيم وعمرو بن شرحبيل.
وقال كثير من أهل العلم: لا بأس أن يُعلم بالرجل إخوانه ومعارفه وذوو الفضل من غير نداء. والله أعلم.
الخامس: فيه الصلاة على الغائب، استدل بذلك الشافعي وأحمد في رواية على جواز الصلاة على الغائب، قال النووي: فإن كان الميت في بلد فالمذهب أنه لا يجوز أن يصلى عليه حتى يحضر عنده وقيل يجوز وفي الرافعي: ينبغي أن لا يكون بين الإمام والميت أكثر من مائتي ذراع أو ثلاثمائة تقريبًا، وفي "المغني": وتجوز الصلاة على الغائب في بلد آخر بالنية فيستقبل القبلة ويصلي عليه كصلاته على حاضر، وسواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن، وسواء كان بين البلدين مسافة القصر أو لم يكن، وبهذا قال الشافعي.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز، وحكى ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى كقولهما. انتهى.