المرتب على نقص العدد، لا الزيادة على تطويل الغرة والتحجيل، وأما حد الزيادة فغايته استيعاب العضد والساق، وقال جماعة من أصحاب الشافعي: يستحب إلى نصفهما. وقال البغوي: نصف العضد فما فوقه، ونصف الساق فما فوقه.
وقال النووي: اختلف أصحابنا في القدر المستحب على ثلاثة أوجه: أحدها: أنه يستحب الزيادة فوق المرفقين والكعبين من غير توقيف. وثانيها: إلى نصف العضد والساق. وثالثها: إلى المنكب والركبتين، والأحاديث تقتضي ذلك كله.
وقال الشيخ تقي الدين القشيري: ليس في الحديث تقييد ولا تحديد لمقدار ما يغسل من العضدين والساقين، وقد استعمله أبو هريرة على إطلاقه فغسل إلى قريب من المنكبين، ولم ينقل ذلك عن النبي - عليه السلام -، ولا كثر استعماله في الصحابة والتابعين؛ فلذلك لم يقل به أحد من الفقهاء، ورأيت بعض الناس قد ذكر أنَّ حد ذلك نصف العضد والساق.
قلت: قوله: "لم يقل به أحد من الفقهاء" غريب على ما قدمنا عنهم آنفا عن أصحاب الشافعي.
فإن قيل: لِمَ اقتصر أبو هريرة على قوله: "أريد أنْ أطيل غرتي" ولم يذكر التحجيل؟
قلت: هو من باب الاكتفاء للعلم به، كما في قوله تعالى:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}(١) ولم يقل: والبرد؛ للعلم به، والمعنى تقيكم الحر والبرد.
وقد قيل: إنَّ هذا من باب التغليب بالذكر لأحد الشيئين على الآخر، وإنْ كانا بسبيل واحد للترغيب فيه. وقد استعمل الفقهاء ذلك وقالوا: يستحب تطويل الغرة، ومرادهم الغرة والتحجيل وفيه نظرة لأن التغليب اجتماع الاسمين أو