فإن قيل: ممن كان الشج وكسر الرباعية لرسول الله - عليه السلام -؟.
قلت: زعم ابن سعد أن عتبة بن أبي وقاص شج النبي - عليه السلام - في وجهه، وأصاب رباعيته. وزعم السهيلي أن عبد الله بن قمئة هو الذي جرح وجه رسول الله - عليه السلام -.
ص: فيجوز أن يكون - صلى الله عليه وسلم - تخلف عن الصلاة عليهم لألم نزل به، وصلى عليهم غيره.
وقد حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: ثنا أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب حدثه أن أنس بن مالك حدثه: "أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم".
ففي هذا الحديث ما ينفي الصلاة عليهم من رسول الله - عليه السلام - ومن غيره؛ فنظرنا في هذا الحديث كيف هو؟ وهل زيد على ابن وهب فيه شيء، فإذا ابن مرزوق قد حدثنا، قال: ثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: أنا أسامة، عن الزهري، عن أنس بن مالك:"أن رسول الله - عليه السلام - مَرّ يوم أحد بحمزة - رضي الله عنه - وقد جُدِع ومُثِّل به، فقال: لولا أن تجزع صفية لتركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع فكفنه في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خمر رجليه بدا رأسه، فخمر رأسه، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره وقال: أنا شهيد عليكم يوم القيامة".
ففي هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - لم يصل يومئذ على أحد من الشهداء غير حمزة - رضي الله عنه -، فإنه صلى عليه وهو أفضل شهداء أحد، فلو كان من سنه الشهداء أن لا يصلى عليهم، لما صلى على حمزة كما لم يغسله، إذْ كان من سنة الشهداء أن لا يغسلوا وصارمًا في هذا الحديث أن النبي - عليه السلام - صلى على حمزة ولم يصل على غيره، فقد يحتمل أن يكون لم يصل على غيره لشدّة ما به مما ذكرنا، وصلى عليهم غيره من الناس.
ش: لما ذكر أن حديث جابر - رضي الله عنه - يحتمل وجهين، الثاني منهما: أنه يجوز أن يكون - عليه السلام - ترك الصلاة عليهم لشده الألم الذي نزل به، وأن هذا لا ينفي صلاة غيره