حدثنا فهد، قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس قال:"أمر رسول الله - عليه السلام - يوم أحد بالقتلى، فجعل يصلي عليهم، فيوضع تسعة وحمزة فيكبر عليهم سبع تكبيرات ثم يرفعون ويترك حمزة، ثم يجاء بتسعة فيكبر عليهم سبعًا حتى فرغ منهم".
حدثنا فهد، قال: ثنا يوسف بن بهلول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، عن ابن إسحاق، قال: حدثني يحمض بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عبد الله ابن الزبير:"أن رسول الله - عليه السلام - أمر يوم أحد بحمزة فسجي ببردة، ثم صلى عليه فكبر تسع تكبيرات ثم أتي بالقتلى يصفون ويصلي عليهم وعليه معهم".
فهذا ابن عباس وابن الزبير - رضي الله عنهم - قد خالفا أنس بن مالك فيما روينا عنه قبل هذا.
ش: أي قد جاء في حديث آخر غير حديث أنس، أنه - عليه السلام - صلى يوم أحد على حمزة وعلى سائر الشهداء، وهو حديث عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم - فإن حديثهما يصرح بأنه - عليه السلام - صلى يوم أحد على جميع من استشهد هناك، فدل أن الشهيد يصلي عليه. فهذا خلاف ما رواه أنس، فهذا أولى من حديث أنس؛ لأنه مثبت، وحديث أنس نافي والمثبت أولى، وكذلك قالوا في حديث جابر لأنه نافي، وقد قيل: إن جابرًا كان يومئذ مشغولًا؛ فإنه قتل أبوه وأخوه وخاله، فرجع إلى المدينة ليدبر كيف يحملهم إلى المدينة، فلم يكن حاضرًا حين صلى النبي - عليه السلام - عليهم، فلهذا روى في روايته ولم يصلي عليهم، ومن شاهد النبي - عليه السلام - قد روى أنه صلى عليهم.
وقيل: يجوز أن النبي - عليه السلام - لم يصل عليهم في ذلك اليوم وصلى عليهم في يوم غير ذلك اليوم، ويؤيد ذلك ما جاء في صلاته عليهم بعد ثمان سنين.
فإن قيل: الشهيد وُصِفَ بأنه حَيٌّ بالنص، والصلاة شرعت على الميت لا على الحي.