للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - عليه السلام - على القتلى، فرأى منظرا أساءه، فرأى حمزة قد شق بطنه، واصطلم أنفه، وجدعت أذناه، فقال: لولا أن [تحزن] (١) النساء فتكون سنة بعدي لتركته حتى يحشره الله في بطون السباع والطير ولمثلت بثلاثين منهم مكانه، ثم دعى ببردة فغطى بها وجهه فخرجت رجلاه، فغطى بها رجليه فخرج رأسه، فغطى بها رأسه، وجعل على رجليه من الإذخر ثم قدمه فكبر عليه عشرًا، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع إلى جنبه فيصلي عليه ثم يرفع، ويجاء بآخر فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى سبعين صلاة، وكانت القتلى سبعين، فلما دفنوا وفرغ منهم نزلت هذه الآية: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} (٢) الآية، فصبر - عليه السلام - ولم يقتل ولم يعاقب. انتهى.

ولما أخرج البيهقي حديث ابن إسحاق الذي ذكرناه في "سننه" قال: ورواه الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "أن رسول الله - عليه السلام - صلى على قتلى أحد" ثم أخرج عن محمود بن غيلان، ثنا أبو داود الطيالسي، قال لي شبعة: ائت جرير بن حازم فقل له: لا يحل لك أن تروي عن الحسن بن عمارة فإنه كذاب، قال أبو داود: فقلت لشعبة ما علامة كذبه؟ قال: روى عن الحكم أشياء فلم أجد لها أصلًا، قلت للحكم: صلى النبي - عليه السلام - على قتلى أحد؟ قال: لا، وقال الحسن بن عمارة: حدثني الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "أنه - عليه السلام - صلى على قتلى أحد".

قلت: ذكر الرامهرمزي في كتابه "الفاصل" هذه الحكاية عن ابن المديني، عن محمود، عن أبي داود، ثم ذكر عن ابن المديني قال: ثنا عبدان، ثنا محمد بن عبد الله المخرمي، ثنا أبو داود، سمعت شعبة يقول: ألا تعجبون من هذا المجنون؟! جرير بن حازم وحماد بن زياد أتياني يسألان أن أسكت عن الحسن بن عمارة،


(١) في "الأصل": "تخرج"، والمثبت من "نصب الراية".
(٢) سورة النحل، آية: [١٢٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>