للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه: "قيل: يا رسول الله، أفرأيت من يموت صغيرًا؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين" (١).

قال أبو عمر (٢): هذا يقتضي كل مولود لمسلم وغير مسلم، ولحديث أبي هريرة أيضًا قال: "سئل رسول الله - عليه السلام - عن الأطفال، فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين". هكذا قال "الأطفال" لم يخص طفلًا من طفل، وإلى هذا ذهب جماعة كثيرة من أهل الفقه والحديث منهم: حماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وأكثر أصحاب مالك، قال أبو عمر: وليس عن مالك في ذلك شيء مخصوص.

وقالت طائفة: أطفال المسلمين في الجنة وأطفال الكفار في المشيئة، وحجتهم حديث أبي هريرة وغره عن النبي - عليه السلام - قال: "ما من المسلمين مَنْ يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله وآباءهم الجنة بفضل رحمته، يجاء بهم يوم القيامة فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخل آباؤنا، فيقال لهم: ادخلوا أنتم وآباؤكم بفضل رحمتي".

وقالت طائفة: حكم الأطفال كلهم كحكم آبائهم في الدنيا والآخرة، وهو مؤمنون بإيمان آبائهم وكافرون بكفر آبائهم، فأولاد المسلمين في الجنة، وأولاد الكفار في النار، وحجتهم: حديث سلمة بن يزيد الجعفي قال: "أتيت النبي - عليه السلام - أنا وأختي، فقلنا: يا رسول الله، إن أمنا ماتت في الجاهلية وكانت تقري الضيف وتصل الرحم وتفعل وتفعل، فهل ينفعنا من عملها شيء؟ قال: لا، قلنا: فإن أمنا وأدت أختًا لنا في الجاهلية لم تبلغ الحنث فهل ذلك نافع أختنا؟ فقال رسول الله - عليه السلام -: أرأيتم الوائدة والموءودة فإنهما في النار إلا أن تدرك الوائدة الإِسلام فيغفر لها".


(١) متفق عليه: البخاري (٦/ ٢٤٣٤ رقم ٦٢٢٥)، ومسلم (٤/ ٢٠٤٨ رقم ٢٦٥٨).
(٢) "التمهيد" (١٨/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>