للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفترة: لم يأت كتاب ولا رسول ثم تلى {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} (١) الآية، ويقول المعتوه: رب لم تجعل لي عقلًا أعقل به خيرًا ولا شرًّا، ويقول: المولود: رب لم أدرك العقل، فترفع لهم نار فيقال: رِدُوها وادخلوها قال: فيردها أو يدخلها من كان في علم الله سعيدًا لو أدرك العمل، ويمسك عنها من كان في علم الله شقيًّا لو أدرك العمل، قال: فيقول الله: إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم؟. ذكره ابن سنجر. قال أبو عمر: من الناس من يوقف هذا الحديث عن أبي سعيد ولا يرفعه، منهم: أبو نعيم الملائي. وقال السمرقندي في "أصوله": مذهب أهل السنة: أن الله تعالى لا يعذب في الآخرة أحدًا بلا ذنب صدر منه، فلا يلحق صبيان الكفار بهم خلافًا للخوارج، وأما في إدخالهم الجنة أو كونهم من أهل الأعراف، أو أنهم صاروا خدم أهل الجنة فاختلف العلماء فيه، وكذا اختلفوا في دخول الجن في الجنة، والأصح أنهم يدخلون الجنة ولكن درجاتهم دون درجات بني آدم في الجنة، وهو اختيار أبي يوسف ومحمد.

وقال أبو حنيفة: إن الله تعالى، قال في الجن: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (٢) ولم يذكر دخولهم في الجنة صريحًا فيوقف فيه، قلت: وكذا توقف في أطفال المشركين، وهذا من غايته ورعه ومتانة دينه، وذكر إسحاق بن راهويه قال: ثنا يحيى بن أدم، أنا جرير بن جارية، عن أبي رجاء العطاردي، قال: سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: "لا يزال أمر هذه الأمة مواتيًا أو مقاربًا أو كلمة تشبه هاتين حتى يتكلموا أو ينظروا في الأطفال والقدر".

فإن قيل: قوله - عليه السلام -: "كل مولود يولد على الفطرة" يدل بعمومه على أن أطفال المشركين أيضًا على الفطرة، وأنهم إذا ماتوا ما لم يبلغوا الحنث يكونون مع المسلمين في الجنة.


(١) سورة طه، آية: [١٣٤].
(٢) سورة الأحقاف، آية: [٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>