للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مولود يولد على ما ابتدأه عليه، قال محمد بن نصر: وقد كان أحمد يذهب إلى هذا القول ثم تركه، قال أبو عمر: مذهب مالك نحو هذا.

وقالت طائفة: معنى ذلك: أن الله تعالى قد فطرهم على الإنكار والمعرفة وعلى الكفر والإيمان، فأخذ من ذرية آدم الميثاق حين خلقهم فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} (١) فقالوا جميعا: بلى، فأما أهل السعادة فقالوا: بل على معرفة له طوعًا من قلوبهم، وأما أهل الشقاوة فقالوا: بل كرهًا لا طوعًا، وتصديق ذلك قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} (٢) وإلى هذا ذهب ابن راهويه.

وقالت طائفة: معناها ما أخذه الله من الميثاق على الذرية، فأقروا جميعًا له تعالى بالروبية عن معرفة منهم به، ثم أخرجهم من أصلاب آبائهم مطبوعين علي تلك المعرفة وذلك الإقرار.

وقالت طائفة: الفطرة ما يقلب الله قلوب الخلق إليه مما يريد ويشاء (٣).

الثالث من الأحكام: فيه دليل على أن الجنة والنار مخلوقتان؛ ردًّا لما قاله بعض المعتزلة أنهما لم يخلقا الآن وأن الله يخلقهما يوم القيامة.

ص: حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا حرملة بن يحيى، قال: ثنا ابن هب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عمارة بن غزية، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أبيه: "أن أبا طلحة دعى رسول الله - عليه السلام - إلى عمير بن أبي طلحة حين توفي، فأتاهم فصلى عليه رسول الله - عليه السلام -، فكان أبو طلحة وراءه، وأم سليم وراء أبي طلحة، لم يكن معهم غيرهم".


(١) سورة الأعراف، آية: [١٧٢].
(٢) سورة آل عمران، آية: [٨٣].
(٣) انتهى من "التمهيد" (١٨/ ٥٩ - ٩٧) بتصرف واختصار. وهو مبحث نفيس في تفسير الفطرة التي خلق الله الناس عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>