وأخرجه ابن ماجه (١): ثنا علي بن محمَّد، نا وكيع، نا الأسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، عن بشير بن نهيك، عن بشير بن الخصاصية قال:"بينا أنا أمشي مع رسول الله - عليه السلام - فقال: يا ابن الخصاصية ما تنقم على الله؟ أصبحت تماشي رسول الله، فقلت: يا رسول الله ما أنقم على الله شيئًا، كل خير قد أتانيه الله، فمر على مقابر المسلمين فقال: أدرك هؤلاء خيرًا كثيرًا، ثم مر على مقابر المشركين فقال: سبق هؤلاء خيرًا كثيرًا، قال: فالتفت فرأى رجلًا يمشي بين المقابر في نعليه، فقال: يا صاحب السبتيتين ألقهما".
قوله:"ويحك" كلمة ترحم، كما أن "ويلك" كلمة دعاء بالهلاك.
و"السِّبْتيَّة" بكسر السين وسكون الباء الموحدة نسبة إلى السِّبْت، وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ تتخذ منها النعال سميت بذلك؛ لأن شعرها قد سبت عنها أي حلق وأزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت، وإنما أطلق - عليه السلام - على النعل المتخذ من السبت سِبْتِيًّا بالنسبة، وقد جاء في بعض الروايات بدون النسبة:"يا صاحب السِّبْتين" فهذا من قِبَل قولهم: فلان يلبس الصوف والإبْرَيْسَم وأراد به الثياب المتخذة منها، وهذا على طريق الاتساع والمجاز.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى هذا الحديث، فكرهوا المشي بالنعال بين القبور.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: يزيد بن زريع وأحمد بن حنبل وأهل الظاهر؛ فإنهم كرهوا المشي بالنعال بين القبور.
وقال ابن حزم في "المحلى": ولا يحل لأحد أن يمشي بين القبور بنعلين سبتيتين، وهما اللذان لا شعر فيهما، فإن كان فيهما شعر جاز ذلك، فإن كانت إحداهما بشعر والأخرى بلا شعر جاز المشي فيهما.