وفي "المغني": وتخلع النعال إذا دخل المقابر هذا مستحب، ثم روى الحديث المذكور.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: قد يجوز أن يكون النبي - عليه السلام - أمر ذلك الرجل بخلع النعلين لا لأنه كره المشي بين القبور بالنعال، لكن لمعنى آخر من قذر رأه فيهما يقذر القبور، وقد رأينا رسول الله - عليه السلام - صلى وعليه نعلاه، ثم أُمِرَ بخلعهما فخلعهما وهو يصلي، فلم يكن ذلك على كراهة الصلاة في النعلين، ولكنه للقذر الذي فيهما.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الحسن البصري ومحمد بن سيرين والنخعي والثوري وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وجماهير الفقهاء من التابعين ومن بعدهم؛ فإنهم أباحوا المشي بين القبور في النعال إذا كانت طاهرة، وقال ابن قدامة: وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسًا.
قوله:"فقالوا" أي هؤلاء الآخرون، وأراد به الجواب عن الحديث المذكور، بيانه: أنه قد يجوز أن يكون النبي - عليه السلام - أمر صاحب السِّبْتيِتَين بالخلع لا لكون المشي بين القبور بالنعال مكروهًا، ولكن لما رأى - عليه السلام - قذرًا فيهما يقدر القبور فلذلك أمر بخلعهما.
وقال ابن الأثير: إنما اعترض عليه بالخلع احترامًا للمقابر لأنه كان يمشي بينها، أو لاختياله في مشيه، ومنه حديث ابن عمر:"إنك تلبس النعال السِّبتية" إنما اعترض عليه لأنها نعال أهل النعمة والسعة.
وقال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيه من الخيلاء؛ لأنها من لباس أهل السرف والتنعيم، فأحب أن يكون دخوله المقبرة على زي التواضع والخشوع.
وقال ابن الجوزي: هذا تكلف من الخطابي؛ لأن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يلبس النعال السبتية ويتوخى التشبه بسيدنا رسول الله - عليه السلام - في نعاله؛ لأن نعاله كانت